لعمرك ما ضيف ابن موسى بصائم

ديوان ابن الرومي

لعمرك ما ضيف ابن موسى بصائمٍ

إذا ضافه يوما وإن عُدَّ صائما

دعانا فغدّانا صياماً بمُشبِعٍ

من العلم مُروٍ يتركُ البالَ ناعما

فكان قِرىً قبل القِرى مُتعجّلاً

شهيّاً مريّاً للنفوس ملائما

ولم نر مثل العلم زاداً مُقدَّماً

له محملٌ خِفٌّ وإن كان عاصما

وعلَّلنا من قبله بمناظرٍ

لهونا بها حتى نسينا المطاعما

أثاثٌ يحار الطرفُ فيه كأنه

ربيعٌ تصدَّى للربيع مُراغما

فقل في ربيع في ربيع أراكه

ربيعٌ يرى حمدَ الرجال مغانما

ثلاثةُ أشكال نُظمن وربما

أتاح مُتيحٌ للفرائد ناظما

ظللنا يذودُ الجوعَ عنا كأنه

يذبُّ عدوّاً أن يُبيح محارما

بمستمعٍ طوراً وطوراً بمنظرٍ

يرى من رآه أنه كان حالما

فما زال يُوفي خدمة المجدِ حقَّها

إلى أن دعاه المجد أفديك خادما

خفيفاً ذفيفاً قالص الذيل قاعداً

لإعداد ما يُرضي النزيلَ وقائما

وقرَّب منا الفرقدين ولم نكن

ننال ذراريَّ السماء القوائما

بُنَيّان تلتذُّ الأنوفُ نثاهما

إذا ذاقت الأفواهُ تلك الملاثما

سعيدان ميمونان تعرف فيهما

من اليُمن آياتٍ له ومعالما

أبرَّا على الولدان حُسناً ونازَعَا

جحاجحةَ القومِ السجايا الكرائما

ظللنا نباري سُنة الشمس يومَنا

بوجهيهما لا نسألُ الحيفَ حاكِما

إذا نحن فاتحْنا أخا الكُبرِ منهما

سؤالاً وجدْنا واعي القلب عالما

فإن نحن ناغمنا أخاه استفزنا

سروراً ففدَّينا الغزالَ المُناغما

وما منهما إلا الذي ما أتى له

من السن ما يبتز عنه التمائما

فلما أحل الزادَ للقوم وقتُه

أتى بطعامٍ أذكر القومَ حاتما

قديرٌ من الخرفان كان رضيفُه

شِواءً من الرُّقط الثقيل مغارما

وكان إذا ما زاره الزَّورُ مرةً

توقع معلوفُ الدجاج الملاحما

وأرّخ بالحلواءِ تأريخَ مُحسنٍ

وخيرُ المساعي خيرهُنَّ خواتِما

ولا شِعر إلا ما يُقفَّى رويُّه

إذا قام بالشعر الرواةُ المقاوما

شهدنا له جُوداً أراناه ماجداً

وبُقياً على النعمى أرتناه حازما

وما أحسن النُّعمى إذا هي جاورت

فتىً يحفظ النعمى ويبني المكارما

فلا زال موطوءَ البساطِ بأخمصٍ

حبيبٍ إليه يألفُ الوفرَ سالما

مُفيداً مفيتاً يُسبغُ اللَّهُ فضلهُ

عليه ويُوليه الأخلاءَ دائما

وفي هذه من دعوةٍ لي شِرْكةٌ

ولا بأس قد يدعو الصديقُ مقاسما

ومن يدعُ يوما للفراتِ فإنما

دعا للذي يرويه ظمآنَ حائما

فمُتِّع بابنيه متاعاً يسرُّه

على رغم من أضحى لذلك راغما

وغيرُ كثيرٍ لابن موسى فعالُهُ

وإن فعلَ المستحسناتِ الجسائما

يشيدُ بُنَىً ألفى أباه يشيدُها

ومثل ابن موسى رام تلك المراوما

ومثل أبيه الخير أعقبَ مثله

سقى الله هاتيك العظام الرَّمائما

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات