لضوء برق ظللت مكتإبا

ديوان أبو نواس

لِضَوءِ بَرقٍ ظَلَلتَ مُكتَإِباً

شَقَّ سَناهُ في الجَوِّ وَاِلتَهَبا

يومِضُ في ضاحِكِ النَواجِذِ مَحـ

ـذُوٌّ بِريحَينِ شَمأَلٍ وَصَبا

نَوَّطَ في الأُفقِ عِبءَ فُرَّقِهِ

وَجَرَّ مِنهُ عَلى الرُبا ذَنَبا

وَنائِحٍ هَبَّ في الغُصونِ ضُحىً

لِمُنتَشٍ مَوهِناً إِذا اِنقَلَبا

يَدعو بِذِكرٍ عَلى اِسمِهِ لِهَوىً

يُذكِرُهُ في زَمانِهِ الرَطَبا

فَبِتُّ مِثلَ المُقيمِ مُغتَرِباً

يَدعو بِواوَيلَتا وَواحَرَبا

مُنقَدَّ جَيبِ القَميصِ يَحثو عَلى الـ

ـرَأسِ مَلِيّاً بِكَفِّهِ التُرُبا

حَتّى إِذا ما اِنتَهى لِغايَتِهِ

ثَمَّ وَأَمضى في نَفسِهِ أَرَبا

أَلجا قِوى ظَهرِهِ إِلى سَنَدٍ

مُعتَصِماً بِالعَزاءِ مُحتَسِبا

وَفِتيَةٍ لا الميراءُ يَشمُلُهُم

زَكَوا فَعالاً مَعاً وَمُنتَسَبا

شَبّوا عَلى أُدبَةٍ كَأَصوِرَةِ الـ

ـمِسكِ مُباحاً تَترى وَمُنتَهَبا

يَسعى عَلَيهِم بِالكَأسِ ذو نُطَفٍ

أَحذاهُ ظَبيُ الصَريمَةِ اللَبَبا

مِن ماثِلٍ فُدِّمَت مَضاحِكُهُ

يَقلِصُ في الكَأسِ بَينَنا الذَهَبا

مِن قَهوَةٍ مُزَّةٍ مُشَعشَعَةٍ

تَرى لَها عِندَ مَزجِها حَبَبا

مَعاً وَتَترى إِذا حَبا أَوَّلٌ

مِنهُنَّ وَطّا لِئاخَرٍ فَحَبا

قالوا وَقَد أَنكَروا مُراوَغَتي الـ

ـكَأسِ وَقَتلي بِبَثِّيَ الطَرَبا

ما لَكَ أَم ما دَهاكَ وَيلُكَ ما

غالَكَ حَتّى اِنفَرَدتَ مُكتَإِبا

قَدِ اِغتَرَفتَ الهُمومَ وَالبَثَّ وَالـ

ـوَجدَ وَهُزتَ الأَحزانَ وَالكُرَبا

رُميتَ عَن قَوسِ كُلِّ فادِحَةٍ

رَمَتكَ يَوماً بِنَبلِها كَثَبا

أَإِن جَفاكَ الرَشا الَّذي نَسِيَ الـ

ـناسُ اِسمَهُ مُنذُ لُقِّبَ اللَقَبا

أَرذاكَ مَجلودُكَ الكَآبَةَ وَالـ

ـشَوقَ وَجُهدَ البَلاءِ وَالنَصَبا

وَآنِسٍ لا أَمَلُّ مَجلِسَهُ

قامَ لِوَقتٍ دَنا لِيَنقَلِبا

آثَرتُ أَن لا يُلامَ حِلمي عَلى

لَذَّةِ قَلبي فَاِستَشعَرَ الوَصَبا

فَراحَ لا عَطَّلَتهُ عافِيَةٌ

وَباتَ طَرفي مِن طَرفِهِ جُنُبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات