لا علم لي بم يختم العمر

ديوان أبو العلاء المعري

لا عِلمَ لي بِمَ يُختَمُ العُمرُ

شَجَرُ الحَياةِ لَهُ الرَدى ثُمرُ

تُغنيكَ ساعاتٌ مُواشِكَةٌ

عَمّا تَقولُ البيضُ وَالسُمرُ

وَالإِنسُ تَهوى قُربَها أَنساً

وَكَأَنَّها الآسادُ وَالنُمرُ

حَجَّبتَ عَقلَكَ عَن مُحاوَرَةٍ

بِالخَمرِ وَهيَ لِمِثلِهِ خُمرُ

مَن سَرَّهُ بُدنٌ يَعيشُ بِهِ

فَسُرورِيَ التَلويحُ وَالضُمرُ

لَيلٌ يَجُنُّ وَفي حَنادِسِهِ

قَمَرٌ تَجاوَلَ تَحتَهُ قُمرُ

وَالسودُ في الهَبواتِ يَكشِفُها

خُضرُ المُتونِ صُدورُها حُمرُ

وَالناسُ في تيهٍ بِلا أَمَرٍ

وَاللَهُ يُفصَلُ عِندَهُ الأَمرُ

وَتَكَشَّفُ الغَمراتُ عَن رَجُلٍ

وَهوَ الجَهولُ بِشَأنِهِ الغُمرُ

آلَيتُ ما في جيلِنا أَحَدٌ

يُختارُ لا زَيدٌ وَلا عَمرو

عُمنا عَلى دُرٍّ فَأَعوزَنا

إِنَّ الجَواهِرَ دونَها الغَمرُ

وَأَرى المَعاشِرَ في غَرائِزِهِم

سوءُ الطِباعِ الخَتلُ وَالقَمرُ

نارٌ فَمَيتُهُمُ الرَمادُ هَبا

وَكَأَنَّما أَحياؤُهُم جَمرُ

وَتَشوقُني في الجِنحِ زامِرَةٌ

ما دينُها لَعِبٌ وَلا زَمرُ

أَينَ الَّذينَ كَلامُهُم أَبَداً

قَطرُ الجَهامِ وَجودُهُم هَمرُ

إِن يَغمِروكَ بِنائِلٍ وَنَدىً

مِنهُم فَما بِصُدورِهِم غِمرُ

لَيسَ اِمرُؤٌ في العَصرِ أَعلَمُهُ

إِلّا وَباطِنُ أَمرِهِ إِمرُ

أَمّا اللَئيمُ فَعِندَهُ حُلَلٌ

وَغَدا الكَريمُ وَثَوبُهُ طِمرُ

طَمَرَ الجَهولُ إِلى مَراتِبِهِ

ثُمَّ اِنثَنى وَحِباؤُهُ طَمرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات