لأمر ما خلقت فما الغرور

ديوان أبو العتاهية

لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ

لِأَمرٍ ما تُحَثُّ بِكَ الشُهورُ

أَلَستَ تَرى الخُطوبَ لَها رَواحٌ

عَلَيكَ بِصَرفِها وَلَها بُكورُ

أَتَدري ما يَنوبُكَ في اللَيالي

وَمَركَبُكَ الجَموحُ بِكَ العَثورُ

كَأَنَّكَ لا تَرى في كُلِّ وَجهٍ

رَحى الحَدَثانِ دائِرَةً تَدورُ

أَلا تَأتي القُبورَ صَباحَ يَومٍ

فَتَسمَعَ ما تُخَبِّرُكَ القُبورُ

فَإِنَّ سُكونَها حَرَكٌ يُناجي

كَأَنَّ بُطونَ غائِبِها ظُهورُ

فَيالَكَ رَقدَةً في غِبِّ كَأسٍ

لِشارِبِها بَلىً وَلَهُ نُشورُ

لَعَمرُكَ ما يَنالُ الفَضلَ إِلّا

تَقِيُّ القَلبِ مُحتَسِبٌ صَبورُ

أُخَيَّ أَما تَرى دُنياكَ داراً

تَموجُ بِأَهلِها وَلَها بُحورُ

فَلا تَنسَ الوَقارَ إِذا اِستَخَفَّ ال

حِجى حَدَثٌ يَطيشُ لَهُ الوَقورُ

وَرُبَّ مُهَرِّشٍ لَكَ في سُكونٍ

كَأَنَّ لِسانَهُ السَبُعُ العَقورُ

لِبَغيِ الناسِ بَينَهُمُ دَبيبٌ

تَضايَقُ عَن وَساوِسِهِ الصُدورُ

أُعيذُكَ أَن تُسَرَّ بِعَيشِ دارٍ

قَليلاً ما يَدومُ بِها سُرورُ

بِدارٍ ما تَزالُ لِساكِنِيها

تُهَتَّكُ عَن فَضائِحِها السُتورُ

أَلا إِنَّ اليَقينَ عَلَيهِ نورٌ

وَإِنَّ الشَكَّ لَيسَ عَلَيهِ نورُ

وَإِنَّ اللَهَ لا يَبقى سِواهُ

وَإِن تَكُ مُذنِباً فَهُوَ الغَفورُ

وَكَم عايَنتَ مِن مَلِكٍ عَزيزٍ

تَخَلّى الأَهلُ عَنهُ وَهُم حُضورُ

وَكَم عايَنتَ مُستَلِباً عَزيزاً

تَكَشَّفُ عَن حَلائِلِهِ الخُدورُ

وَدُمِّيَتِ الخُدودُ عَلَيهِ لَطماً

وَعُصِّبَتِ المَعاصِمُ وَالنُحورُ

أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا حُطامٌ

وَأَنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات