لأسماء محتل بناظرة البشر

ديوان الأخطل

لِأَسماءَ مُحتَلٌّ بِناظِرَةِ البِشرِ

قَديمٌ وَلَمّا يَعفُهُ سالِفُ الدَهرِ

يَكادُ مِنَ العِرفانِ يَضحَكُ رَسمُهُ

وَكَم مِن لَيالٍ لِلدِيارِ وَمِن شَهرِ

ظَلِلتُ بِها أَبكي إِلى اللَيلِ واقِفاً

أُسائِلُها أَينَ الأَنيسُ وَما تَدري

سَفاهاً وَقَد عُلِّقتُ مِن أُمِّ سالِمٍ

وَمِن جارَتَيها في فُؤادِيَ كَالجَمرِ

ثَلاثٍ حِسانٍ مِن نِزارٍ وَغَيرِهِم

تَجَمَّعنَ مِن شَتّى فَعولينَ في قَصرِ

حَلائِلِ شَيخٍ في مُنيفٍ كَأَنَّما

نَماهُنَّ قِشعَمٌّ مِنَ الطَيرِ في وَكرِ

وَما زِلتُ أُصبِهِنَّ بِالقَولِ وَالصِبا

سَفاهاً وَقَد يُصبى عَلى الخائِفِ الحَذرِ

كَعَطشانَ حَجَّ الماءَ حَتّى أَطاعَني

رَسولٌ إِلى لَعساءَ طَيِّبَةِ النَشرِ

لَها فَضلُ سِنٍّ فَاِستَقَدنَ إِلى الصِبا

فَأَمسَينَ قَد أَعطَينَها عُقَدَ الأَمرِ

وَأَعطَيتُهُنَّ العَهدَ غَيرَ مُمائِنٍ

وَما أَنزَلَ الأَروى مِنَ الجَبَلِ الوَعرِ

وَحَدَّثتُهُنَّ أَنَّني ذو أَمانَةٍ

كَريمٌ فَما يَخشَينَ خُلفي وَلا غَدري

فَقُمنَ إِلى جَبّانَةٍ قَد عَلِمنَها

لَنا أَثَرٌ فيها كَمَنزِلَةِ السَفرِ

فَثِنتانِ مَهما تُعطَيا تَرضَيا بِهِ

وَأَسماءُ ما تَرضى بِثُلثٍ وَلا شَطرِ

وَما مَنَعَت أَسماءُ يَومَ رَحيلِنا

أَمَرُّ عَلَيَّ مِن خَطائي وَمِن وِزري

رَأَيتُ لَها يَوماً مِنَ الدَهرِ بَهجَةً

فَهَشَّت لَها نَفسي وَهَمَّ بِها صَدري

فَثَمَّ تَناهَينا كِلانا عَنِ الصِبا

وَلا شَيءَ خَيرٌ مِن تُقى اللَهِ وَالصَبرِ

سَبَتكَ بِمُرتَجِّ الرَوادِفِ ناعِمٍ

وَأَبيَضَ عَذبِ الريقِ مُعتَدِلِ الثَغرِ

وَمُتَّسِقٍ كَالنورِ مِن كُلِّ صِبغَةٍ

يُضيءُ الدُجى بَينَ التَرائِبِ وَالنَحرِ

عَشِيَّةَ بَطنِ الشِعبِ إِذ أَهلُنا مَعاً

وَإِذ هِي تُريكَ الوَجهَ مِن خَلَلِ السِترِ

نَزَلتُ بِها ضَيفاً فَلَم تَقرِ مَهنَأً

وَجادَت بِلا ثَعلِ الثَنايا وَلا حَفرِ

فَمِلتُ بِها مَيلَ النَزيفِ وَنازَعَت

رِدائِيَ وَالمَيسورِ خَيرٌ مِنَ العُسرِ

فَأَصبَحَ في آثارِنا وَمَبيتِنا

مَرافِضُ حَليٍ مِن جُمانٍ وَمِن شَذرِ

مَهاةٌ مِنَ اللائي إِذا هِيَ زُيِّنَت

تُضيءُ دُجى الظَلماءِ كَالقَمَرِ البَدرِ

مُثَقَّلَةُ الأَردافِ لَيسَت بِمُرضِعٍ

وَلا مِن نِساءِ اللَخلَخانِيَّةِ الحُمرِ

إِذا ما مَشَت مالَت رَوادِفُها بِها

جَميعاً كَما مالَ المَهيضُ مِنَ الكَسرِ

يَقولُ لِيَ الأَدنونَ مِنّي قَرابَةً

لَعَلَّكَ مَسحورٌ وَما بِيَ مِن سِحرِ

فَقُلتُ أَقِلّوا اللَومَ لا تَعذُلونَني

هُبِلتُم هَلِ الصافي مِنَ الماءِ كَالكَدرِ

سَرَيتُ إِلَيها إِذ دَجا اللَيلُ واحِداً

وَكَم مِن فَتىً قَد ضافَهُ الهَمُّ لا يَسري

فَجِئتُ بِتَخفيرِ الوَصيلِ وَشاعَني

أَخو الهَمِّ مِقدامٌ عَلى الهَولِ كَالصَقرِ

مَعي فِتيَةٌ ما يَسأَلونَ بِهالِكٍ

إِذا ما تَناشوا أَسبَلوا سَبَلَ الأُزرِ

وَإِجّانَةٌ فيها الزُجاجُ كَأَنَّها

طَوافي بَناتِ الماءِ في لُجَّةِ البَحرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأخطل، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات