كنت إلى وصل سعدى جد محتاج

ديوان البحتري

كُنتُ إِلى وَصلِ سُعدى جِدَّ مُحتاجِ

لَو أَنَّهُ كَثَبٌ لِلآمِلِ الراجي

تُدامِجُ الوَعدَ لا نُجحٌ وَلا خُلُفٌ

مَجدولَةٌ بَينَ إِرهافٍ وَإِدماجِ

شَمسٌ أَضاءَت أَمامَ الشَمسِ إِذ بَرَزَت

تَسيرُ في ظُعُنٍ مِنهُم وَأَحداجِ

مِن لابِساتِ حَصى الياقوتِ أَوشِحَةً

وَلَم يُذَلنَ بِلُبسِ الذَبلِ وَالعاجِ

أَسقى دِيارَكِ وَالسُقيا تَقِلُّ لَها

إِغزارُ كُلِّ مُلِثِّ الوَدقِ ثَجّاجِ

يُلقي عَلى الأَرضِ مِن حُليٍ وَمِن حُلَلٍ

ما يُمتِعُ العَينِ مِن حُسنٍ وَإِبهاجِ

فَصاغَ ما صاغَ مِن تِبرٍ وَمِن وَرَقٍ

وَحاكَ ما حاكَ مِن وَشيٍ وَديباجِ

إِلى عَلِيِّ بَني الفَيّاضِ بَلَّغَني

سُرايَ مِن حَيثُ لا يُسرى وَإِدلاجي

إِلى فَتىً يُتبِعُ النُعمى نَظائِرَها

كَالبَحرِ يُتبِعُ أَمواجاً بِأَمواجِ

نَعودُ مِن رَأيِهِ في كُلِّ مُشكِلَةٍ

إِلى سِراجٍ يُرينا الغيبَ وَهّاجِ

لَم أَرَ يَوماً كَيَومٍ قيضَ فيهِ لِإِس

حاقَ بنَ أَيّوبَ إِسحاقُ بنُ كُنداجِ

أَجلى لِهامٍ عَلَيها بيضُها وَطُلىً

مِنهُ وَأَفرى لِأَورادٍ وَأَوداجِ

لَمّا تَضايَقَ بِالزَحفَينِ قُطرُهُما

فَضارِبٌ بِغِرارِ السَيفِ أَو واجِ

قالَت لَهُ النَفسُ لا تَألوهُ ما نَصَحَت

وَالخَيلُ تَخلِطُ مِن نَقعٍ بِإِرهاجِ

إِنَّ المُقيمَ قَتيلٌ لا رُجوعَ لَهُ

إِلى الحَياةِ وَإِنَّ الهارِبَ الناجي

فَمَرَّ يَهوي هَوِيَّ الريحِ يُسعِدُهُ

خَرقٌ بَسيطٌ وَلَيلٌ مُظلِمٌ داجِ

إِلّا تَنَلهُ العَوالي وَهوَ مُنجَذِبٌ

فَقَد كَوَت صَلَوَيهِ كَيَّ إِنضاجِ

إِنَّ الخِلافَةَ لا تُلقى كَتائِبُها

كَما لَقيتَ بِعَوّادٍ وَصَنّاجِ

تَرَكتَ عودَ كُنَيزٍ في العَجاجِ فَلَم

تَربَع عَلى رَمَلٍ فيهِ وَأَهزاجِ

تَصيحُ أَوتارُهُ وَالخَيلُ تَخبِطُهُ

يَطَأنَ حِضنَيهِ فَوجاً بَعدَ أَفواجِ

فَإِن رَجَعتَ إِلى حَربٍ فَأَبقِ عَلى

خِلياقِ يَنشو وَبَمٍّ فيهِ لَجلاجِ

إِذا تَخَطَّفَهُ المِضرابُ حَرَّكَ في

سِرِّ القُلوبِ سُروراً جِدَّ مُهتاجِ

كانَت نَصيبونَ خيساً ما يُرامُ فَقَد

ذَلَّت لِلَيثٍ عَلى الأَعداءِ وَلّاجِ

أَبقى وَلَولا التَلافي مِن بَقِيَّتِهِ

قاظَت لَهُم نِسوَةٌ مِن غَيرِ أَزواجِ

وَوَقعَةُ اللَحفِ وَالهَيجاءُ ساعِرَةٌ

لَهيبَ حَربٍ عَلى الأَبطالِ أَجّاجِ

أَزالَ خَمسينَ أَلفاً فَاِنثَنَوا عُصَباً

وَالطَعنُ يُزعِجُ مِنهُم أَيَّ إِزعاجِ

إِقدامُ أَبيَضَ تَستَعلي مَناسِبُهُ

بِهِ إِلى مَلِكِ البَيضاءِ ذي التاجِ

تُجلى الشُكوكُ إِذا اِسوَدَّت غَيابَتُها

عَن كَوكَبٍ لِسَوادِ الشَكِّ فَرّاجِ

إِن أَنا شَبَّهتُهُ بِالغَيثِ في مِدَحي

غَضَضتُ مِنهُ فَكُنتُ المادِحَ الهاجي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات