كم ذا نخيب وتكذب الأطماع

ديوان الشريف المرتضى

كم ذا نخيبُ وتكذب الأطماعُ

والنَّاس في دار الغرور رِتاعُ

فحوائمٌ لا تَرْتَوِي وعواطلٌ

لا تَحْتَلي وزخارفٌ وخداعُ

في كلّ يومٍ للحوادث بطشةٌ

فينا وأمرٌ للمنونِ مُطاعُ

وإذا الرَّدى قنص الفتى فكأنّه

ما كان إبقاءٌ ولا إمتاعُ

وَالمَوتُ أَملَكُ بالورى وتَعِلَّةٌ

هذا السَّقامُ وهذه الأوجاعُ

وَإذا تيقّنا الفراقَ لكلّ مَن

نهوى هواهُ فالسَّلام وداعُ

لَيسَ الرَّدى يا من يرومُ دفاعَه

ممَّا تُحاك لدفعه الأدراعُ

وإذا الرَّدى طلب النّفوس فإنّما

شَدَّ النَّجاءُ به وضاع قِراعُ

وصوارمُ الأسيافِ غيرُ صوارمٍ

والسَّمْهرِيَّاتُ الطِّوالُ يَراعُ

ما لي أعلَّلُ كلَّ يومٍ بالمُنى

عيشاً وأُشرى بالهوى وأُباعُ

كَرعَ الحمامَ مبذِّرٌ ومقدّرٌ

وخطا إليه مُجبنٌ وشجاعُ

ثمَّ اِستوى في حَسْوِ خمرِ كؤوسه ال

أملاكُ والسَّاداتُ والأتباعُ

والنَّاكصون المقدمون إِذا دعا

أَجَلٌ بهمْ والمبطئون سِراعُ

وَالدّهرُ يَطعنُ بِالرَّدى لا بالقنا

قَعْصاً ولا عَلَقٌ هناك يُباعُ

يُبقي ويُفني ثمّ يسلبُ ماكساً

بالرَّغم فهوَ المُلبِسُ النَّزَّاعُ

فذّ العطاءِ فإنْ يكن مَثْنى له

غَلَطاً فإنَّ الإرتجاعَ رُباعُ

خَيرٌ منَ المُثْرِي فَقيرٌ قانعٌ

ومِنَ الشِّباعِ من الطّعامِ جِياعُ

قُلْ للّذي كَنز الكنوزَ فهمُّهُ الت

تَجميعُ وَالتّرفيعُ والإيداعُ

أَوَ ما علمتَ بأنّ ما أحرزتَهُ

شِلْوٌ بأيدي الحادثاتِ مُضاعُ

وظننتَ ما أودعتَ في بطن الثّرى

سرّاً وسِرٌّ لا يُذاع مُذاعُ

تبّاً لدارٍ أشعرتْ سُكّانَها

أنْ ليس في طولِ المقامِ طماعُ

باع الجميعُ نعيمهمْ بشقائِها

بَيْعَ الغَبين ولو دَرَوْا ما باعوا

وَإِذا هُمُ اِعتَذَروا إِلى مَن لامَهُمْ

في الحِرصِ قالوا ما تراهُ طباعُ

فاِنظُرْ إِلى مَن قصدُهُ ترفيهُهُ

في العيش كيف تكُدُّه الأطماعُ

أَينَ الّذين عَلى القِنانِ قِبابهمْ

ولهمْ تِلاعُ المأثراتِ تِلاعُ

مِن كُلّ مُعتَصِبِ المفارقِ لم يُطِعْ

بَشَراً وفي كلّ الأمور يُطاعُ

دَرَجوا وأضحَوْا بعد عزٍّ أقعَسٍ

ما إِنْ لَهمْ إلّا الثّرى والقاعُ

وَأَزالَهمْ عَمّا اِبتَنوه منَ البِنا

هَذا الخَتولُ الباذلُ المنّاعُ

وَلَقد فُجعتُ وكلُّ مَن لم يُصْمِهِ

سَهمُ المنيّةِ زارَه الإفجاعُ

وَاِرتعتُ لِلخطبِ المُلمِّ بساحتِي

وَلَقِد عَمِرْتُ وغيرِيَ المرتاعُ

وَقرينةٍ لمّا ألِفتُ وصالَها

أنحى عليها الباترُ القطّاعُ

فَلَئِنْ هَوَتْ فَلَكَمْ هوى في هذه ال

خضراءِ عنّا كوكبٌ لمّاعُ

لَيتَ الّذي عزم التّرحُّلَ غفلةً

ما كان منه على الفراقِ زماعُ

ولقد سبقتِ صيانةً وديانةً

وَوراءَكِ الطُّلّاحُ والظلّاعُ

رحُبَتْ بِكِ الأجداثُ أجداثُ الثَّرى

واِعتادَ قبركِ هاطلٌ لمَّاعُ

أوْدَعتُ منكِ الأرضَ خيرَ وديعةٍ

فالأرضُ متلافٌ لها مِضياعُ

وَقَضيتُ حَقّكِ إذ جعلتُك في حِمى

قومٍ لهمْ دون النّعيم رِباعُ

صُقْعٌ لآلِ اللّه آلِ نَبيّهِ

سجدتْ له الأقطارُ والأصقاعُ

فَرَقَ الزَّمانُ وما درى ما بيننا

والدّهرُ مِفراقٌ لنا مِجْماعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات