كذبتك عينك أم رأيت بواسط

ديوان الأخطل

كَذَبَتكَ عَينُكَ أَم رَأَيتَ بِواسِطٍ

غَلَسَ الظَلامِ مِنَ الرَبابِ خَيالا

وَتَعَرَّضَت لَكَ بِالأَبالِخِ بَعدَ ما

قَطَعَت بِأَبرَقَ خُلَّةً وَوِصالا

وَتَغَوَّلَت لِتَروعَنا جِنِّيَّةٌ

وَالغانِياتُ يُرينَكَ الأَهوالا

يَمدُدنَ مِن هَفَواتِهِنَّ إِلى الصِبا

سَبَباً يَصِدنَ بِهِ الغُواةُ طُوالا

ما إِن رَأَيتُ كَمَكرِهِنَّ إِذا جَرى

فينا وَلا كَحِبالِهِنَّ حِبالا

المُهدِياتُ لِمَن هَوَينَ مَسَبَّةً

وَالمُحسِناتُ لِمَن قَلَينَ مَقالا

يَرعَينَ عَهدَكَ ما رَأَينَكَ شاهِداً

وَإِذا مَذِلتَ يَصِرنَ عَنكَ مِذالا

وَإِذا وَعَدنَكَ نائِلاً أَخلَفنَهُ

وَوَجَدتَ عِندَ عِداتِهِنَّ مِطالا

وَإِذا دَعَونَكَ عَمَّهُنَّ فَإِنَّهُ

نَسَبٌ يَزيدُكَ عِندَهُنَّ خَبالا

وَإِذا وَزَنتَ حُلومَهُنَّ إِلى الصِبا

رَجَحَ الصِبا بِحُلومِهِنَّ فَمالا

أَهِيَ الصَريمَةُ مِنكَ أُمَّ مُحَلِّمٍ

أَم ذا الدَلالُ فَطالَ ذاكِ دَلالا

وَلَقَد عَلِمتِ إِذا العِشارُ تَرَوَّحَت

هَدَجَ الرِئالِ تَكُبُّهُنَّ شَمالا

تَرمي العِضاةَ بِحاصِبٍ مِن ثَلجِها

حَتّى يَبيتَ عَلى العِضاهِ جُفالا

أَنّا نُعَجِّلُ بِالعَبيطِ لِضَيفِنا

قَبلَ العِيالِ وَنَقتُلُ الأَبطالا

أَبَني كُلَيبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَذا

قَتَلا المُلوكَ وَفَكَّكا الأَغلالا

وَأَخوهُما السَفّاحُ ظَمَّأَ خَيلَهُ

حَتّى وَرَدنَ جِبى الكِلابِ نِهالا

يَخرُجنَ مِن ثَغرِ الكُلابِ عَلَيهِمِ

خَبَبَ السِباعِ تَبادَرُ الأَوشالا

مِن كُلِّ مُجتَنَبٍ شَديدٍ أَسرُهُ

سَلِسِ القِيادِ تَخالُهُ مُختالا

وَمُمَرَّةٍ أَثَرُ السِلاحِ بِنَحرِها

فَكَأَنَّ فَوقَ لَبانِها جِريالا

قُبَّ البُطونِ قَدِ اِنطَوَينَ مِنَ السُرى

وَطِرادِهِنَّ إِذا لَقَينَ قِتالا

مُلحَ المُتونِ كَأَنَّما أَلبَستَها

بِالماءِ إِذ يَبِسَ النَضيحُ جِلالا

وَلَقَلَّما يُصبِحنَ إِلّا شُزَّباً

يَركَبنَ مِن عَرَضِ الحَوادِثِ حالا

فَطَحَنَّ حائِرَةَ المُلوكِ بِكَلكَلٍ

حَتّى اِحتَذَينَ مِنَ الدِماءِ نِعالا

وَأَبَرنَ قَومَكَ ياجَريرُ وَغَيرَهُم

وَأَبَرنَ مِن حَلَقِ الرِبابِ حِلالا

وَلَقَد دَخَلنَ عَلى شَقيقٍ بَيتَهُ

وَلَقَد رَأَينَ بِساقِ نَضرَةَ خالا

وَبَنو غُدانَةَ شاخِصٌ أَبصارُهُم

يَسعَونَ تَحتَ بُطونِهِنَّ رِجالا

يَنقُلنَهُم نَقلَ الكِلابِ جِرائَها

حَتّى وَرَدنَ عُراعِراً وَأُثالا

خُزرَ العُيونِ إِلى رِياحٍ بَعدَما

جَعَلَت لِضَبَّةَ بِالرِماحِ ظِلالا

وَما تَرَكنَ مِنَ الغَواضِرِ مُعصِراً

إِلّا قَصَمنَ بِساقِها خَلخالا

وَلَقَد سَما لَكُمُ الهُذَيلُ فَنالَكُم

بِإِرابَ حَيثُ يُقَسِّمُ الأَنفالا

في فَيلَقٍ يَدعو الأَراقِمَ لَم تَكُن

فُرسانُهُ عُزلاً وَلا أَكفالا

بِالخَيلِ ساهِمَةَ الوُجوهِ كَأَنَّما

خالَطنَ مِن عَمَلِ الوَجيفِ سُلالا

وَلَقَد عَطَفنَ عَلى فَزارَةَ عَطفَةً

كَرَّ المَنيحِ وَجُلنَ ثُمَّ مَجالا

فَسَقَينَ مِن عادَينَ كَأساً مُرَّةً

وَأَزَلنَ جَدَّ بَني الحُبابِ فَزالا

يَغشَينَ جيفَةَ كاهِلٍ عَرَّينَها

وَاِبنَ المُهَزَّمِ قَد تَرَكنَ مُذالا

فَقَتَلنَ مَن حَمَلَ السِلاحَ وَغَيرَهُم

وَتَرَكنَ فَلَّهُمُ عَلَيكَ عِيالا

وَلَقَد بَكى الجَحّافُ مِمّا أَوقَعَت

بِالشَرعَبِيَّةِ إِذ رَأى الأَطفالا

وَلَقَد جَشِمتَ جَريرُ أَمراً عاجِزاً

وَأَرَيتَ عَورَةَ أُمِّكَ الجُهّالا

وَإِذا سَما لِلمَجدِ فَرعا وائِلٍ

وَاِستَجمَعَ الوادي عَلَيكَ فَسالا

كُنتَ القَذى في مَوجِ أَكدَرَ مُزبِدٍ

قَذَفَ الأَتِيُّ بِهِ فَضَلَّ ضَلالا

وَلَقَد وَطِئنَ عَلى المَشاعِرِ مِن مِنىً

حَتّى قَذَفنَ عَلى الجِبالِ جِبالا

فَاِنعَق بِضَأنِكَ يا جَريرُ فَإِنَّما

مَنَّتكَ نَفسُكَ في الخَلاءِ ضَلالا

مَنَّتكَ نَفسُكَ أَن تُسامِيَ دارِماً

أَو أَن تُوازِنَ حاجِباً وَعِقالا

وَإِذا وَضَعتَ أَباكَ في ميزانِهِم

قَفَزَت حَديدَتُهُ إِلَيكَ فَشالا

إِنَّ العَرارَة وَالنُبوحَ لِدارِمٍ

وَالمُستَخِفُّ أَخوهُمُ الأَثقالا

المانِعينَ الماءَ حَتّى يَشرَبوا

عِفَواتِهِ وَيُقَسِّموهُ سِجالا

وَاِبنُ المَراغَةِ حابِسٌ أَعيارَهُ

قَذفَ الغَريبَةِ ما يَذُقنَ بِلالا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأخطل، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

أكذا المنون تقنطر الأبطالا

أَكَذا المَنونُ تُقَنطِرُ الأَبطالا أَكَذا الزَمانُ يُضَعضِعُ الأَجيالا أَكَذا تُصابُ الأُسدُ وَهيَ مُذِلَّةٌ تَحمي الشُبولَ وَتَمنَعُ الأَغيالا أَكَذا تُقامُ عَنِ الفَرائِسِ بَعدَما مَلَأَت هَماهِمُها الوَرى…

تعليقات