كان الشباب مطية الجهل

ديوان أبو نواس

كانَ الشَبابُ مَطِيَّةَ الجَهلِ

وَمُحَسِّنَ الضَحِكاتِ وَالهَزلِ

كانَ الجَميلُ إِذا اِرتَدَيتُ بِهِ

وَمَشَيتُ أَخطِرُ صَيَّتَ النَعلِ

كانَ الفَصيحُ إِذا نَطَقتُ بِهِ

وَأَصاخَتِ الآذانُ لِلمُملي

كانَ المُشَفَّعَ في مَآرِبِهِ

عِندَ الفَتاةِ وَمُدرِكَ التَبلِ

وَالباعِثي وَالناسُ قَد رَقَدوا

حَتّى أَكونَ خَليفَةَ البَعلِ

وَالآمِري حَتّى إِذا عَزَمَت

نَفسي أَعانَ يَدَيَّ بِالفِعلِ

فَالآنَ صِرتُ إِلى مُقارَبَةٍ

وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ الصِبى رَحلي

وَالكَأسُ أَهواها وَإِن رَزَأَت

بُلَغَ المَعاشِ وَقَلَّلَت فَضلي

صَفراءُ مَجَّدَها مُرازِبُها

جَلَّت عَنِ النُظَراءِ وَالمِثلِ

ذُخِرَت لِآدَمَ قَبلَ خِقَتِهِ

فَتَقَدَّمَتهُ بِخَطوَةِ القَبلِ

فَأَتاكَ شَيءٌ لا تُلامِسُهُ

إِلّا بِحِسِّ غَريزَةِ العَقلِ

فَتَرودُ مِنها العَينُ في بَشَرٍ

حُرِّ الصَحيفَةِ ناصِعٍ سَهلِ

فَإِذا عَلاها الماءُ أَلبَسَها

حَبَباً كَمِثلِ جَلاجِلِ الحِجلِ

حَتّى إِذا سَكَنَت جَوانِحُها

كَتَبَت بِمِثلِ أَكارِعِ النَملِ

خَطَّينِ مِن شَتّى وَمُجتَمِعٍ

غُفلٍ مِنَ الإِعجامِ وَالشَكلِ

فَاِعذِر أَخاكَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ

مَرَنَت مَسامِعُهُ عَلى العَذلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات