كأن قد عجل الأقوام غسلك

ديوان أبو العتاهية

كَأَن قَد عَجَّلَ الأَقوامُ غَسلَك

وَقامَ الناسُ يَبتَدِرونَ حَملَك

وَنُجِّدَ بِالثَرى لَكَ بَيتُ هَجرٍ

وَأَسرَعَتِ الأَكُفُّ إِلَيهِ نَقلَك

وَأَسلَمَكَ اِبنُ عَمِّكَ فيهِ فَرداً

وَأَرسَلَ مِن يَدَيهِ أَخوكَ حَبلَك

وَحاوَلَتِ القُلوبُ سِواكَ ذِكراً

أَنِسنَ بِوَصلِهِ وَنَسينَ وَصلَك

وَصارَ الوارِثونَ وَأَنتَ صِفرٌ

مِنَ الدُنيا لِمالِكَ مِنكَ أَملَك

إِذا لَم تَتَّخِذ لِلمَوتِ زاداً

وَلَم تَجعَل بِذِكرِ المَوتِ شُغلَك

فَقَد ضَيَّعتَ حَظَّكَ يَومَ تُدعى

وَأَصلَكَ حينَ تَنسُبُهُ وَفَضلَك

أَراكَ تَغُرُّكَ الشَهَواتُ قِدماً

وَكَم قَد غَرَّتِ الشَهَواتِ مِثلَك

أَما وَلَتَذهَبَنَّ بِكَ المَنايا

كَما ذَهَبَت بِمَن قَد كانَ قَبلَك

بَخِلتُ بِما مَلَكتَ فَقِف رُوَيداً

كَأَنَّكَ قَد وَهَبتَ فَلَم يَجُز لَك

كَأَنَّكَ عَن قَريبٍ بِالمَنايا

وَقَد شَتَّتنَ بَعدَ الجَمعِ شَملَك

أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَحَلُّ عِلمٍ

رَأَيتَ العِلمَ لَيسَ يَكُفُّ جَهلَك

أَلا لِلَّهِ أَنتَ حَسَبتَ فِعلي

عَلَيَّ فَعِبتَهُ وَنَسيتَ فِعلَك

أَلا لِلَّهِ أَنتَ دَعِ التَمَنّي

وَلا تَأمَن عَواقِبَهُ فَتَهلَك

وَخُذ في عَذلِ نَفسِكَ كُلَّ يَومٍ

لَعَلَّ النَفسَ تَقبَلُ مِنكَ عَذلَك

أَلَم تَرَ جِدَّةَ الأَيّامِ تَبلى

وَأَنَّ الحادِثاتِ يُرِدنَ قَتلَك

أَلا فَاِخرُج مِنَ الدُنيا مُخِفّاً

وَقَدِّم عَنكَ بَينَ يَدَيكَ ثِقلَك

رَأَيتُ المَوتَ مَسلَكَ كُلِّ حَيٍّ

وَلَم أَرَ دونَهُ لِلحَيِّ مَسلَك

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات