قل للنوائب قد أصبت المقتلا

ديوان الشريف المرتضى

قُل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا

وسقيتِنا فيما جنيتِ الحنظلا

أثكلتِ مَنْ لمّا جزعنا ثُكلَه

أنسيتِنا من قبله ما أثكلا

فالعينُ يجرى ماؤها لا للصّدى

والقلبُ يُوقَدُ جمرُهُ لا للصَّلى

عادات هذا الدّهر أن يستلّ من

نا الأمثَلُ المأمولَ ثمّ الأمثلا

إنّا نبدّل كلَّ يومٍ حالةً

بخلافها من قبل أن تُستبدلا

ويُنَقّل الإنسانُ عن حالاتِهِ

ولِداتِه من غير أن يتنقّلا

نبني المعاقلَ للخطوب فإنْ أتتْ

رُسُلُ الحِمامِ فما اِبتنينا معقلا

كم ذا لنا تحت التّرابِ محاسنٌ

تُرمى على عمدٍ إلى نحو البِلى

والمرءُ في كفّ الزّمان وديعةٌ

كي تقُتضى وحديقةٌ كي تُختَلى

ماذا البكاءُ على الّذي ولّى وقد

جُعلتْ له جنّاتُ عَدْنٍ منزلا

وعلى مَ نُسقَى الصّابَ فيه وإنّه

يُسقى هناك كما يشاء السَّلْسَلا

ملكَ الملوكِ أصخ لقولةِ ناصحٍ

حُكْمُ الصَّوابِ لمثلها أن تَقْبَلا

إنْ كنت حُمّلْتَ الثّقيلَ فلم تزلْ

للحزم أنهض للثّقيل وأحملا

عمرٌ قصيرٌ ما اِنقَضى حتّى قضى

فينا بأنّ لك البقاءَ الأطولا

يا حاملاً أثقالنا حوشيتَ أنْ

تَعْيا بأمرٍ كارثٍ إِنْ أعضلا

ما إنْ عهدنا الدّهرَ إلّا فارجاً

بك ضيّقاً أو موضحاً بك مشكلا

فدعِ التفجُّعَ والتوجُّعَ والأسى

وخذ الأجلَّ من الفتى والأجملا

خيرٌ من الماضي لنا الباقي ومِنْ

ثاوٍ تعجّلَهُ الرّدى من أُجِّلا

فَلئنْ هوى جبلٌ فقد أثوى لنا

خَلَفاً له ملأَ الكِنانة أنصُلا

لا تعجبوا منه يصاب فإنّما

ندعو إلى ثِقْلِ الرّحالِ الأبْزَلا

إِنّ العواصفَ لا تنال من البنا

إِلّا بناءً كان منها أطوَلا

فاِصبرْ لها فلَطالما أوْسَعتنا

في المعضلاتِ تجلّداً وتحمُّلا

وَإِذا جَزعتَ من المصاب فقل لنا

مَن ذا يكون إذا جزعنا المَوْئلا

فتعزَّ بالباقي عن الفاني ردىً

وبمن ثوى وله الهوى عمّن خلا

أَخذ الّذي أَعطى وبقّى بعدهُ

أوفى وألبَقَ بالبقاء وأجملا

وَإِذا قَضى اللَّه القضاءَ فكنْ إلى

بَغْتاتِهِ مستأنساً مسترسلا

لا تألمنَّ بنافعٍ لك دهرَه

يُعطي المرادَ ولا تُجَوِّر أعدلا

ما إنْ ترى في العمر سوءاً بعدها

فاِقبَل من الدّهر المسيء تَنَصُّلا

كم ذا شققت إلى بلوغ إرادةٍ

قَلْبَ الخميس وخضت فيه القَسْطَلا

وقطعتَ في أَرَبٍ بهيماً مظلماً

وركبتَ في طَلَبٍ أغرَّ مُحَجَّلا

للَّه دَرُّك في مكانٍ ضيّقٍ

أرضيتَ لمّا أنْ غضبتَ المُنْصَلا

والذّابلُ العسّالُ يأبى كلّما

طعن الشّواكلَ والكُلى أنْ يذبلا

والخيلُ يخبطن الجماجمَ كلّما

خبطتْ خيولُ النّاكلين الجَرْوَلا

لا راعنا فيك الزّمان ولا رأتْ

عينُ اِمرئٍ شِعْباً حللتَ مُعَطّلا

وَعَلتْ ديارَك كلُّ هَوجاءِ الخُطا

تدع الكميَّ معفَّراً ومجدَّلا

وإذا تحَلْحَلَ يَذْبُلٌ عن جانبٍ

أرسى به جُنِّبْتَ أنْ تتحَلْحَلا

وبقيتَ فينا آمراً متحكّماً

ومعظّماً بين الأنامِ مُبَجَّلا

وسقى الإلهُ ترابَ مَن كانتْ على

رغم الأنوف بنا الغمامَ المُسْبِلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات