قل للديار سقى أطلالك المطر

ديوان جرير

قُل لِلدِيارِ سَقى أَطلالَكَ المَطَرُ

قَد هِجتِ شَوقاً وَماذا تَنفَعُ الذِكَرُ

أُسقيتِ مُحتَفِلاً يَستَنُّ وابِلُهُ

أَو هاطِلاً مُرثَعِناً صَوبُهُ دِرَرُ

إِذِ الزَمانُ زَمانٌ لا يُقارِبُهُ

هَذا الزَمانُ وَإِذ في وَحشِهِ غِرَرُ

إِنَّ الفُؤادَ مَعَ الظُعنِ الَّتي بَكَرَت

مِن ذي طُلوحٍ وَحالَت دونَها البُصَرُ

قالوا لَعَلَّكَ مَحزونٌ فَقُلتُ لَهُم

خَلّوا المَلامَةَ لا شَكوى وَلا عِذَرُ

إِنَّ الخَليطَ أَجَدَّ الَبَينَ يَومَ غَدَوا

مِن دارَةِ الجَأبِ إِذ أَحداجُهُم زُمَرُ

لَمّا تَرَفَّعَ مِن هَيجِ الجَنوبِ لَهُم

رَدّوا الجِمالَ لِإِصعادٍ وَما اِنحَدَروا

مِن كُلِّ أَصهَبَ أَسرى في عَقيقَتِهِ

نَسقٌ مِنَ الرَوضِ حَتّى طُيِّرَ الوَبَرُ

بُزلٌ كَأَنَّ الكُحَيلَ الصِرفَ ضَرَّجَها

حَيثُ المَناكِبُ يَلقى رَجعَها القَصَرُ

أَبصَرنَ أَنَّ ظُهورَ الأَرضِ هائِجَةٌ

وَقَلَّصَ الرَطبُ إِلّا أَن يُرى سِرَرُ

هَل تُبصِرانِ حُمولَ الحَيِّ إِذ رُفِعَت

حَيٌّ بِغَيرِ عَباءِ المَوصِلِ اِختَدَروا

قالوا نَرى الآلَ يَزهى الدَومَ أَو ظُعُناً

يا بُعدَ مَنظَرِهِم ذاكَ الَّذي نَظَروا

ماذا يَهيجُكَ مِن دارٍ وَمَنزِلَةٍ

أَم ما بُكاؤُكَ إِذ جيرانُكَ اِبتَكَروا

نادى المُنادي بِبَينِ الحَيِّ فَاِبتَكَروا

مِنّا بُكوراً فَما اِرتابوا وَما اِنتَظَروا

حاذَرتُ بَينَهُمُ بِالأَمسِ إِذ بَكَروا

مِنّا وَما يَنفَعُ الإِشفاقُ وَالحَذَرُ

كَم دونَهُم مِن ذُرى تيهٍ مُخَفِّقَةٍ

يَكادُ يَنشَقُّ عَن مَجهولِها البَصَرُ

إِنّا بِطِخفَةَ أَو أَيّامِ ذي نَجَبٍ

نِعمَ الفَوارِسُ لَمّا اِلتَفَّتِ العُذَرُ

لَم يُخزِ أَوَّلَ يَربوعٍ فَوارِسُهُم

وَلا يُقالُ لَهُم كَلّا إِذا اِفتَخَروا

سائِل تَميماً وَبَكراً عَن فَوارِسِنا

حينَ اِلتَقى بِإِيادِ القُلَّةِ الكَدَرُ

لَولا فَوارِسُ يَربوعٍ بِذي نَجبٍ

ضاقَ الطَريقُ وَعَيَّ الوِردُ وَالصَدَرُ

إِن طارَدوا الخَيلَ لَم يُشوُوا فَوارِسَها

أَو واقَفوا عانَقوا الأَبطالَ فَاِهتُصِروا

نَحنُ اِجتَبَينا حِياضَ المَجدِ مُترَعَةً

مِن حَومَةٍ لَم يُخالِط صَفوَها كَدَرُ

إِنّا وَأُمُّكَ ما تُرجى ظُلامَتُنا

عِندَ الحِفاظِ وَما في عَظمِنا خَوَرُ

تَلقى تَميماً إِذا خاضَت قُرومُهُمُ

حَومَ البُحورِ وَكانَت غَمرَةً جُسروا

هَل تَعرِفونَ بِذي بَهدى فَوارِسَنا

يَومَ الهُذَيلِ بِأَيدي القَومِ مُقتَسَرُ

الضارِبينَ إِذا ما الخَيلُ ضَرَّجَها

وَقعُ القَنا وَاِلتَقى مِن فَوقِها الغَبَرُ

إِنَّ الهُذَيلَ بِذي بَهدى تَدارَكَهُ

لَيثٌ إِذا شَدَّ مِن نَجداتِهِ الظَفَرُ

أَرجو لِتَغلِبَ إِذ غَبَّت أُمورُهُمُ

أَلّا يُبارِكَ في الأَمرِ الَّذي اِئتَمَروا

خابَت بَنو تَغلِبٍ إِذ ضَلَّ فارِطُهُم

حَوضَ المَكارِمِ إِنَّ المَجدَ مُبتَدَرُ

الظاعِنونَ عَلى العَمياءِ إِن ظَعَنوا

وَالسائِلونَ بِظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ

وَما رَضيتُم لِأَجسادٍ تُحَرِّقُهُم

في النارِ إِذ حَرَّقَت أَرواحَهُم سَقَرُ

الآكِلونَ خَبيثَ الزادِ وَحدَهُمُ

وَالنازِلونَ إِذا واراهُمُ الخَمَرُ

يَحمي الَّذينَ بِبَطحاوَي مِنىً حَسَبي

تِلكَ الوُجوهُ الَّتي يُسقى بِها المَطَرُ

أَعطوا خُزَيمَةَ وَالأَنصارَ حُكمَهُمُ

وَاللَهُ عَزَّزَ بِالأَنصارِ مَن نَصَروا

إِنّي رَئيتُكُمُ وَالحَقُّ مَغضَبَةٌ

تَخزَونَ أَن يُذكَرَ الجَحّافُ أَو زُفَرُ

قَوماً يُرَدّونَ سَرحَ القَومِ عادِيَةً

شُعثَ النَواصي إِذا ما يُطرَدُ العَكَرُ

إِنَّ الأُخَيطِلَ خِنزيرٌ أَطافَ بِهِ

إِحدى الدَواهي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ

قادوا إِلَيكُم صُدورَ الخَيلِ مُعلِمَةً

تَغشى الطِعانَ وَفي أَعطافِها زَوَرُ

كانَت وَقائِعُ قُلنا لَن تُرى أَبَداً

مِن تَغلِبٍ بَعدَها عَينٌ وَلا أَثَرُ

حَتّى سَمِعتُ بِخِنزيرٍ ضَغا جَزَعاً

مِنهُم فَقُلتُ أَرى الأَمواتَ قَد نُشِروا

أَحيائُهُم شَرُّ أَحياءٍ وَأَلأَمُهُ

وَالأَرضُ تَلفُظُ مَوتاهُم إِذا قُبِروا

رِجسٌ يَكونُ إِذا صَلّوا أَذانُهُمُ

قَرعُ النَواقيسِ لا يَدرونَ ما السُوَرُ

فَما مَنَعتُم غَداةَ البِشرِ نِسوَتَكُم

وَلا صَبَرتُم لِقَيسٍ مِثلَ ما صَبَروا

أَسلَمتُمُ كُلَّ مُجتابٍ عَباءَتَهُ

وَكُلَّ مُخضَرَةِ القُربَينِ تُبتَقَرُ

هَلّا سَكَنتُم فَيُخفي بَعضَ سَوأَتِكُم

إِذ لا يُغَيَّرُ في قَتلاكُمُ غِيَرُ

يا اِبنَ الخَبيثَةِ ريحاً مَن عَدَلتَ بِنا

أَم مَن جَعَلتَ إِلى قَيسٍ إِذا ذَخَروا

قَيسٌ وَخِندِفُ أَهلُ المَجدِ قَبلَكُمُ

لَستُم إِلَيهِم وَلا أَنتُم لَهُم خَطَرُ

موتوا مِنَ الغَيظِ غَمّاً في جَزيرَتِكُم

لَم يَقطَعوا بَطنَ وادٍ دونَهُ مُضَرُ

ما عُدَّ قَومٌ وَإِن عَزّوا وَإِن كَرَموا

إِلّا اِفتَخَرنا بِحَقٍّ فَوقَ ما اِفتَخَروا

نَرضى عَنِ اللَهِ أَنَّ الناسَ قَد عَلِموا

أَن لَن يُفاخِرَنا مِن خَلقِهِ بَشَرُ

وَما لِتَغلِبَ إِن عَدَّت مَساعيها

نَجمٌ يُضيءُ وَلا شَمسٌ وَلا قَمَرُ

كانَت بَنو تَغلِبٍ لا يَعلُ جَدُّهُمُ

كَالمُهلَكينَ بِذي الأَحقافِ إِذ دَمَروا

صُبَّت عَلَيهِم عَقيمٌ ما تُناظِرُهُم

حَتّى أَصابَهُمُ بِالحاصِبِ القَدَرُ

تَهجونَ قَيساً وَقَد جَذّوا دَوابِرَكُم

حَتّى أَعَزَّ حَصاكَ الأَوسُ وَالنَمِرُ

إِنّي نَفَيتُكَ عَن نَجدٍ فَما لَكُمُ

نَجدٌ وَمالَكَ مِن غورِيِّهِ حَجَرُ

تَلقى الأُخَيطِلَ في رَكبٍ مَطارِفُهُم

بَرقُ العَباءِ وَما حَجّوا وَما اِعتَمَروا

الضاحِكينَ إِلى الخِنزيرِ شَهوَتَهُ

يا قُبِّحَت تِلكَ أَفواهاً إِذا اِكتَشَروا

وَالمُقرِعينَ عَلى الخِنزيرِ مَيسِرَهُم

بِئسَ الجَزورُ وَبِئسَ القَومُ إِذ يَسَروا

وَالتَغلِبِيُّ لَئيمٌ حينَ تَجهَرُهُ

وَالتَغلِبِيُّ لَئيمٌ حينَ يُختَبَرُ

وَالتَغلَبِيُّ إِذا تَمَّت مُروأَتُهُ

عَبدٌ يَسوقُ رِكابَ القَومِ مُؤتَجَرُ

نِسوانُ تَغلِبَ لا حِلمٌ وَلا حَسَبٌ

وَلا جَمالٌ وَلا دينٌ وَلا خَفَرُ

ما كانَ يَرضى رَسولُ اللَهِ دينَهُمُ

وَالطَيِّبانِ أَبو بَكرٍ وَلا عُمَرُ

جاءَ الرَسولُ بِدينِ الحَقِّ فَاِنتَكَثوا

وَهَل يَضيرُ رَسولَ اللَهِ أَن كَفَروا

يا خُزرَ تَغلِبَ إِنَّ اللُؤمَ حالَفَكُم

ما دامَ في مارِدينَ الزَيتُ يَعتَصَرُ

تَسَربَلوا اللُؤمَ خَلقاً مِن جُلودِهِمُ

ثُمَّ اِرتَدوا بِثِيابِ اللُؤمِ وَاِتَّزَروا

الشاتِمينَ بَني بَكرٍ إِذا بَطِنوا

وَالجانِحينَ إِلى بَكرٍ إِذا اِفتَقَروا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جرير، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات