قف بالمنازل أو كناس ظبائها

ديوان ابن الساعاتي

قف بالمنازل أو كناس ظبائها

فالقلب يعرفها على لأوائها

لم أبك إذا نشرت بنود سحابها

إلا لحاجتها إلى أنوائها

وارب غادية يسح دموعها

ضحك البروق على ثرى بطحائها

فكأن جذوة نارها من أضلعي

وكأن جمة أدمعي من مائها

أسفي على الشرفين قولة مكبد

حنيت جوانحه على أحنائها

والبان ترقص من غناء حمامها

والأرض تضحك من بكاء سمائه

وكأن حيالة الحسان بربعها

نظمت عقود الدر من حصبائها

فسقى دمشقاً كل مثقلة الخطى

تمشي فتسحب من فضول ملائها

خفاقة العذبات ذات هيادب

أرج النسيم يفوح من أرجائها

باحت بها نفاحته فتحدثت

عنة مضمرات المزن في أحشائها

أبكي على المقصور من أيامها

لو دام والممدود من أفيائها

وليالياً لم أسر طالب لذة

إلا مع الأقمار من ظلمائها

أبغي الثناء على حماة أسودها

جهدي فتشغلني صفات ظبائها

إني لأعجب كيف ينكر فضلها

بشر ومحيي الدين من أبنائها

يقظ جبال علومه في صدره

مثل الجبال الشم في بيدائها

زفت لسؤدده فكان كفيها

لا ترغب الحسناء عن أكفائها

ولقد رأيت ما رأيت فضيلة

شهدت بها الأمثال من أعدائها

من تستخف الطود حبوة حلمه

ويبخل الأنواء يوم حيائها

متشابه الإحسان عثر بنانه

تتلو وفود نداه محكم آيها

فلت شباة الغيب حدة ذهنه

إن السيوف جلالها بمضائها

لولا نداه لما وثقت لنفسه

بسلامة من نار فرط ذكائها

خافت وقائعها العدا فكأنما

طبعت سيوف الهند من آرائها

وكأنما السمر اللدان متونها

نشوى وقد دارت سلاف ثنائها

طالت يد إلطافها فلأجلها

قصرت بنان الحوب عن حوبائها

شيدت يا قاضي القضاة محمداً

خطط العلى ورفعت سمك بنائها

ونشرت أعلام الشريعة بعدما

طويت فسار العدل تحت لوائها

كيف السبيل إلى مداك لعاثر

يبغي النجوم الزهر في عليائها

يبس البنان يذم منك خلائقاً

ردت وجوه السائلين بمائها

قد كان يمكنه خفاء ظهورها

لو كان يخفي الشمس في أضوائها

ولك المناقب كالنجوم كثيرة

إن النجوم أكل عن أحصائها

ولقد عزمت على قضاء فروضها

لما زللت فلم أقم بأدائها

حجبتني الأيام عنك ولم يزل

كدر الليالي دون عفو صفائها

فلو استطعت بحر مدحك آنفاً

لكتبت صحف صباحها بمسائها

أسديت مكرمة فإن أمهلـ

ـت لم تندم على إسدائها

ولتأتينك على بكر طفلة

محجت بفضل وليها وولائها

تجلى فيدهش عندها الأسماع والـ

ـأبصار حسن رويها وروائها

خصتك بالوصل الهني وعمت الحسـ

ـاد غمة صدها وجفائها

من كل خالدة القوافي أشبهت

نعماك في الإكثار لا إيطائها

تتسابق الأفهام علم رويها

من قبل إتيان الرواة بيائها

فأعد فرب صنيعة لو لم تعد

خفيت ولا أعنيك في إبدائها

فلطالما صقلت مهندة الظبى

فازداد رونق حسنها ومضائها

والصبح غير صقيلة مرآته

ما لم تقم شمس الضحى بجلائها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات