قفا معي في هذه المعاهد

ديوان ناصح الدين الأرجاني

قِفا معي في هذه المعَاهدِ

لا بُدَّ للصّبِّ من المُساعدِ

لا تَبْخلا يا صاحبيَّ واسمَحا

بوَقْفةٍ على المُعَنّي الواجد

في منزلٍ عَهِدْتُ في عِراصِه

لَوْرَدَّ معهوداً بُكاءُ عاهد

كواعباً من الدُّمَى لَواعِباً

مُشْبِهةَ الثُّغورِ للقلائد

يَمِسْنَ من فرْطِ النّعيمِ والصِّبا

كالقُضُبِ المَوائِلِ المَوائد

فيهنّ ظَبْيٌ عَلِقَ القلبُ به

من الظّباء النُّفَّرِ الشَّوارد

إذا تَبدَّى مَرضٌ بطَرْفِه

لم يَخْلُ من أفئدةٍ عَوائد

رَمَيْتُه فصادَني فمَن رأى

صَيْداً يَمُرُّ بفؤادِ الصّائد

قطعْتُ من قلبي رَجائي في الهوى

والقَطْعُ طِبُّ كُلِّ عُضوٍ فاسد

فهل فتىً يُعيرني قلباً به

أَلْقَى خطوبَ دَهْريَ المُعاند

كم قد ضَرْبتُ في البلادِ طالباً

مُفتِّشاً عن صاحبٍ مُساعد

فلم أَجِدْ في الشّرِّ غيرَ شامتٍ

ولم أَجِدْ في الخَيرِ غيرَ حاسد

كُلُّ بني الحضرةِ قد ذمَمْتُهم

ذَمَّ فتىً في القُربِ منهم زاهد

ما فيهمُ رِقّةُ قلبٍ بَتّةً

لفاضلٍ في زَمنٍ مُناكِد

في حالةٍ يَبينُ في خِلالِها

أخو الرّخاء من أخي الشَّدائد

إلاّ سديدَ الحضرة النَّدْبَ الذي

يُبدِي فعالَ الماجدِ ابنِ الماجد

صَفَحْتُ عن بني الزّمانِ إذ غدا

منهم أنو شَروانٌ بْنُ خالد

وألْفُ ذنْبٍ يَجتَمِعْن لامْريءٍ

يُغفَرْنَ إنْ جاءَ بعُذْرٍ واحد

كُلهمُ يَعِد غيرَ مُنجِزٍ

وهْو الّذي يُنجِز غيرَ واعد

سَجيّةٌ من كرَمٍ شاعَتْ له

بين أدانِي الخَلْقِ والأباعد

أدْرَك غاياتِ العُلا وإنّما

يَسْمو إلى المجدِ بنو الأماجد

كأنّه والمُلْكُ يَحْتَمِي بهِ

سَديدُ سَهْمٍ في شَديدِ ساعد

نَبّهْتَه فَدَعْهُ والدّهرَ معاً

خصْماً وبِتْ أنت بطَرْفٍ راقد

فتىً تَستَّرْت بظِلّ جاهِه

من لَحْظِ عَينَيْ دَهْريَ المُكايد

ذو هِمّةٍ ساميةٍ إلى العُلا

مُوفيةٍ على ذُرا الفَراقد

بَحْرٌ من العِلْمِ على لسانهِ

فؤادُه يَموجُ بالفوائد

بَدْرٌ يَعودُ كُلَّ مُمسَي ليلةٍ

ما بقيَ الدّهرُ بِنُورٍ زائد

غَيْثٌ من الجُودِ يَجود دائماً

سَقْياً له من غَيْثِ جُودٍ جائد

لَيْثٌ له من اليَراعِ مِخلَبٌ

مُفترِسُ الأُسودِ والأساود

يَحْفَظُ في خدمتِه الرَّسْمَ فلا

يَبْدو له في الطِّرْسِ غيرَ ساجد

إذا عَلا بياضَه حَسِبْتَهُ

يَعلو مَشيباً بشبابٍ عائد

وإن مضَى في أرَبٍ ظنَنتَه

مَضاءَ سيفِ البطَلِ المُناجد

يا مُرْضِيَ الآمالِ بالمالِ ندىً

ومُكرِمَ القُصّادِ والقصائد

ومَن له في كُلِّ مَمْضَى ساعةٍ

تَعجيلُ رِفْدٍ وافرٍ لوافد

ومَن أبَى أن يَستهِلَّ كفُّه

يوماً بجُودِ قاصرٍ لقاصد

لقد علا ذِكْرُك ما بين الورَى

في فَمِ كل صادِرٍ ووارد

وقد بنَى سَعيُك مَجداً باذِخاً

يَعجِزُ عَنه جُهْدُ كلِّ جاهد

فلا يَزالُ شاهِدٌ لغائبٍ

يُتحِفُه وغائبٌ لشاهد

حارَتْ عيونُ العالَمِينَ كثْرةً

من المساعي لك والمَحامد

فَدُمْ لنا حتّى نَراكَ أبَداً

مُنعَّماً في ظِلِّ عُمْرٍ خالد

في الجودِ مثلَ خالدٍ والبأس مثْ

لَ خالدٍ والنّطقِ مثْلَ خالد

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات