قرى دارهم مني الدموع السوافك

ديوان أبو تمام

قِرى دارِهِم مِنّي الدُموعُ السَوافِكُ

وَإِن عادَ صُبحي بَعدَهُم وَهوَ حالِكُ

وَإِن بَكَرَت في ظُعنِهِم وَحُدوجِهِم

زَيانِبُ مِن أَحبابِنا وَعَواتِكُ

سَقَت رَبعَهُم لا بَل سَقَت مُنتَواهُمُ

مِنَ الأَرضِ أَخلافُ السَحابِ الحَواشِكُ

وَأَلبَسَهُم عَصبَ الرَبيعِ وَوَشيَهُ

وَيُمنَتَهُ نَبتُ النَدى المُتَلاحِكُ

إِذا غازَلَ الرَوضُ الغَزالَةَ نُشِّرَت

زَرابِيُّ في أَكنافِهِم وَدَرانِكُ

إِذا الغَيثُ سَدّى نَسجَهُ خِلتَ أَنَّهُ

مَضَت حِقبَةٌ حَرسٌ لَهُ وَهوَ حائِكُ

أَلِكني إِلى حَيِّ الأَراقِمِ إِنَّهُ

مِنَ الطائِرِ الأَحشاءِ تُهدى المَآلِكُ

كُلوا الصَبرَ غَضّاً وَأَشرَبوهُ فَإِنَّكُم

أَثَرتُم بَعيرَ الظُلمِ وَالظُلمُ بارِكُ

أَتاكُم سَليلُ الغابِ في صَدرِ سَيفِهِ

سَناً لِدُجى الإِظلامِ وَالظُلمُ هاتِكُ

إِذا سيلَ سُدَّ العُذرُ عَن صُلبِ مالِهِ

وَإِن هَمَّ لَم تُسدَر عَلَيهِ المَسالِكُ

أَلَحَّ وَماحَكتُم وَلِلقَدَرِ اِلتَقى

غَريمانِ في الهَيجا مُلِحٌّ وَماحِكُ

هُوَ الحارِثُ الناعي بُجَيراً وَإِن يُدَن

لَهُ فَهوَ إِشفاقاً زُهَيرٌ وَمالِكُ

رَقاحِيُّ حَربٍ طالَما اِنقَلَبَت لَهُ

قَساطِلُ يَومِ الرَوعِ وَهيَ سَبائِكُ

وَمُستَنبِطٌ في كُلِّ يَومٍ مِنَ الغِنى

قَليباً رِشاآها القَنا وَالسَنابِكُ

مُطِلٌّ عَلى الآجالِ حَتّى كَأَنَّهُ

لِصَرفِ المَنايا في النُفوسِ مُشارِكُ

فَما تَترُكُ الأَيّامُ مَن هُوَ آخِذٌ

وَلا تَأخُذُ الأَيّامُ مَن هُوَ تارِكُ

صَفوحٌ إِذا لَم يَثلِمِ الصَفحُ حَزمَهُ

وَذو تُدرَإٍ بِالفاتِكِ الخِرقِ فاتِكُ

رَبيبُ مُلوكٍ أَرضَعَتهُ ثُدِيَّها

وَسِمعٌ تَرَبَّتهُ الرِجالُ الصَعالِكُ

وَلَو لَم يُكَفكِف خَيلَهُ عَرَكَتكُمُ

بِأَثقالِها عَركَ الأَديمِ المُعارِكُ

وَلَولا تُقاهُ عادَ قَيضاً مُفَلَّقاً

بِأُدحِيِّهِ بَيضُ الخُدورِ التَرائِكُ

وَلَاِصطُفِيَت شَولٌ فَظَلَّت شَوارِداً

قُرومُ عِشارٍ ما لَهُنَّ مَبارِكُ

إِذاً لَلَبِستُم عارَ دَهرٍ كَأَنَّما

لَياليهِ مِن بَينِ اللَيالي عَوارِكُ

وَلَاِجتُذِبَت فُرشٌ مِنَ الأَمنِ تَحتَكُم

هِيَ المُثلُ في لينٍ بِها وَالأَرائِكُ

وَلَكِن أَبى أَن يُستَباحَ بِكَفِّهِ

سَنامُكُمُ في قَومِكُم وَهوَ تامِكُ

وَأَن تُصبِحوا تَحتَ الأَظَلِّ وَأَنتُمُ

غَوارِبُ حَيَّي تَغلِبٍ وَالحَوارِكُ

فَتَنجَذِمَ الأَسبابُ وَهيَ مُغارَةٌ

وَتَنقَطِعَ الأَرحامُ وَهيَ شَوابِكُ

فَلا تَكفُرُنَّ الصامِتِيَّ مُحَمَّداً

آيادِيَ شَفعاً سَيبُها مُتَدارِكُ

أَهَبَّ لَكُم ريحَ الصَفاءِ جَنائِباً

رُخاءً وَكانَت وَهيَ نُكبٌ سَواهِكُ

فَرَدَّ القَنا ظَمآنَ عَنكُم وَأُغمِدَت

عَلى حَرِّها بيضُ السُيوفِ الفَواتِكُ

وَآبَ عَلى سَعدِ السُعودِ بِرَحلِهِ

عِتاقُ المَذاكي وَالقِلاصُ الرَواتِكُ

غَدا وَكَأَنَّ اليَومَ مِن حُسنِ وَجهِهِ

وَقَد لاحَ بَينَ البيضِ وَالبَيضِ ضاحِكُ

حَياتُكَ لِلدُنيا حَياةٌ ظَليلَةٌ

وَفَقدُكَ لِلدُنيا فَناءٌ مُواشِكُ

مَتى يَأتِكَ المِقدارُ لا تُدعَ هالِكاً

وَلَكِن زَمانٌ غالَ مِثلَكَ هالِكُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو تمام، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات