قد قامت الحجه

ديوان لسان الدين بن الخطيب

قد قامتِ الحُجّهْ

فلْيُعْذِرُ العاذِرْ

فالعَذْلُ لا يُجْدي

شَيْئاً سوَى الكَرْبِ

وشِقْوَةَ الخاطِرْ

وشِدّةِ الوجْدِ

حدِّثْ عنِ السّلْوانْ

أو شِئْتَ يا صاحِ

حدِّثْ عنِ العَنْقا

إنّهُما سِيّانْ

فلْيُقْصِرِ اللاّحي

عمّنْ شَكا العِشْقا

قدْ عزّني الكِتْمانْ

فَبانَ إفْصاحي

ببَعْضِ ما ألْقى

منْ صادِقِ اللّهْجَهْ

وسْنانَ عنْ ساهِرْ

لمْ يُبْلَ بالصّدِّ

مُنَزَّهُ القَلْبِ

مُبَرّأ النّاظِرْ

عنْ حالَةِ السُّهْدِ

عذّبَ بالتّيهِ

قلْبي وبالبَيْنِ

فلمْ أُطِقْ صَبْرا

ظَبْيٌ تَجَنّيهِ

ما كانَ بالهَيْنِ

قد واصَلَ الهَجْرا

مُكَمَّلٌ فيهِ

مَسْرَحةُ العَيْنِ

قدْ أخْجَلَ البَدْرا

في طرْفِهِ حُجّهْ

للفاتِنِ السّاحِرْ

ونافِثِ العِقْدِ

يذْهَبُ باللّبِّ

مُحَكَّمُ النّاظِرْ

في الحُرِّ والعَبْدِ

نادَيْتُ في الظُّلْمَهْ

يا مالِكَ المُلْكِ

يا دافِعَ البَلْوَى

فرِّجْ ليَ الغُمّهْ

أنتَ الذي تُشْكي

مَنْ أعْلنَ الشّكْوى

بمَنْ طوى الهِمّهْ

لطَيْبَةٍ يَبْكي

ويُعْلِنُ النّجْوى

في عشْرِ ذي الحِجّهْ

منْ راكِضٍ سائِرْ

للعَلَمِ الفَرْدِ

مُغْتَفَرِ الذّنْبِ

معْتَمِرٍ زائِرْ

مُبَلَّغِ القَصْدِ

مُذْ جالَ في سمْعي

فِراقُهُ حَقّا

ظَلِلْتُ كالهائِمْ

كأنّما دَمْعي

يَهْمي فَلا يَرْقا

جَوْدُ أبي سالِمْ

مُعالِجُ الصّدْعِ

والعُرْوَةُ الوُثْقَى

وقامِعُ الظّالِمْ

ومُصْمِتُ الضّجّهْ

ومُطْفِئُ النّائِرْ

وموضِحُ الرّشْدِ

خَليفَةُ الرّبِّ

والباذِخِ الفاخِرْ

بالأبِ والجَدِّ

الواهِبُ الألْفِ

تاتِي معالِيهِ

منْ رَجْعِهِ الطّرْفا

وخارِقُ الصّفِّ

الى أعاديهِ

إنْ شاهَدَ الزّحْفا

ومُرْسِلُ الحَتْفِ

فمَنْ يُناديهِ

يُصادِمُ الحَتْفا

الأرضُ مُرتَجّةٌ

بالعَسْكَرِ الزّاخِرْ

قدْ ماجَ بالجُرْدِ

وغصّ بالقُضْبِ

والصّارِمِ الباتِرْ

والحَلقِ السّرْدِ

مَنْ فازَ بالسّبْقِ

في رِفعَةِ القَدْرِ

والمَنْصِبِ الأسْمَى

وفاقَ في الخُلْقِ

والخُلُقِ البَرِّ

واسّيرَةِ الرّحْمَى

ذو مَنْظَرٍ طَلْقٍ

مؤيّدُ الأمْرِ

مسَدّدُ المَرْمَى

إذا امْتَطَى سرْجَهْ

فالقَمَرُ الرّاصِدْ

لعَيْنِ مُستَهدِ

ومُخْجِلُ الشّمْسِ

في العارِضِ الماطِرْ

إنْ جادَ بالرّفْدِ

عُلاكَ لا تُحْصَى

والشّرْطُ والثُّنْيا

دَأباً يُنافِيها

لوْ مُثّلَتْ شخْصاً

لغالَتِ الدُنْيا

بالحَقِّ تُعْييها

دوْلَتَه اخْتَصّا

تأنّقَ العُلْيا

بكُلِّ ما فِيها

بَدائِعُ البَهْجَهْ

ونُزْهَةُ الخطِرْ

وجنّةُ الخُلْدِ

وراحَةُ القَلْبِ

وبُغْيَةُ الناظِرْ

في ذلِكَ الخَدِّ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات