قد بلغنا على مخشاة أنفسنا

ديوان الفرزدق

قَد بَلَغنا عَلى مَخشاةِ أَنفُسِنا

شَطَّ الصَراةِ إِلى أَرضِ اِبنِ مَروانِ

طَيّارَةٌ كانَ لِلحَجّاجِ مَركَبُها

تَرى لَها مِن أَذاةِ المَوجِ أَعوانا

أَتَت بِنا كوفَةِ الرابي لِثالِثَةٍ

مِنَ الأُبُلَّةِ لِلمَوجِ الَّذي كانا

إِنّي حَلَفتُ بِأَعناقٍ مُعَلَّقَةٍ

قَد أُلزِمَت مِن رُؤوسِ النيبِ أَذقانا

هَديٍ تُساقُ إِلى حَيثُ الدِماءُ لَهُ

يَبلُلنَ مِن عَلَقِ الأَجوافِ كَتّانا

لَأَمدَحَنَّكَ مَدحاً لا يُوازِنُهُ

مَدحٌ عَلى كُلِّ مَدحٍ كانَ عِليانا

لَتَبلُغَن لِأَبي الأَشبالِ مِدحَتُنا

مَن كانَ بِالغَورِ أَو مَروَي خُراسانا

كَأَنَّها الذَهَبُ العِقيانُ حَبَّرَها

لِسانُ أَشعَرِ أَهلِ الأَرضِ شَيطانا

قَومٌ أَبَوا أَن يَنالَ الفُحشُ جارَتَهُم

وَالجاعِلونَ مِنَ الآفاتِ أَركانا

وَالضارِبونَ مِنَ الأَقرانِ هامَهُمُ

إِذا الجَبانُ رَأى لِلمَوتِ أَلوانا

هُمُ الفَوارِسُ يَحمونَ النِساءَ إِذا

خَرَجنَ يَسعَينَ يَومَ الرَوعِ خُفّانا

وَأَنتَ مِن مَعشَرٍ يَحمي حُماتَهُمُ

ضَربٌ يُخَرِّمُ أَرواحاً وَأَبدانا

كانَت بَجيلَةُ إِن لاقى فَوارِسُها

وَأَصبَحَ الناسُ سَلَّ السَيفَ عُريانا

أَحمَوا حِمىً بِطِعانٍ لَيسَ يَمنَعَهُ

إِلّا رِماحُهُمُ لِلمَوتِ مَن حانا

الأَحلَمونَ فَما خَفَّت حُلومُهُمُ

وَالأَثقَلونَ عَلى الأَعداءِ ميزانا

وَالمُعجِلونَ قِرى الأَضيافِ إِن نَزِلوا

وَأَمنَعُ الناسِ يَومَ الرَوعِ جيرانا

أَيدي بَجيلَةَ أَيدٍ لا يُوازِنُها

أَيدي طِعانٍ إِذا لاقَينَ أَقرانا

قَومٌ لَهُم حَسَبٌ ضَخمٌ دَسيعَتُهُ

زادوا عَلى بانِياتِ المَجدِ بُنيانا

فَمَن يَكُن ساعِياً يَرجو مَساعِيَهُم

يَجِد لَهُم دونَها فَرعاً وَأَركانا

قَومٌ إِذا رُفِعَت أَصواتُهُم هَزَموا

مَن يَدَّعونَ بِهِ في الخَيلِ فُرسانا

يُعطي عَطايا كِراماً لا يُوازِنُها

مُعطٍ وَلا بَعدَ ما يُعطيهِ مَنّانا

إِنّي رَأَيتُ أَبا الأَشبالِ مُعتَصِماً

بِهِ الجِبالُ كَعادٍ عِندَ خَفّانا

ضَيفٌ بِعَينِ أَباغٍ لا يَزالُ لَهُ

لَحمٌ لِمُغتَصِبٍ لِلقَومِ غَرثانا

أَحمى البِرازَ فَلا يَسري بِهِ أَحَدٌ

وَلَم يَدَع في سَوادِ الغيلِ إِنسانا

أَمّا الفُرادى فَلا فَردٌ يَقومُ لَهُ

وَقَد يَشُدُّ عَلى الأَلفَينِ أَحيانا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الفرزدق، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات