قدمت كالسيف إلى غمده

ديوان ابن نباتة المصري

قدمت كالسيف إلى غمدهِ

واليمنُ موقوف على حدِّه

قد أثرت فيك ليالي السرى

ما أثر السيف بإفرنده

وعدت مشكور الثنا والسنا

كذاك عودُ البدرِ في سعده

لله ما أسعدها طلعةً

يجيبها الوابل من مهده

نعم وما أيمنها عزمة

سلَّمها الرَّأي إلى رشده

عزم فتى صورة إخلاصه

في البرِّ قد أفضت إلى حمده

ما ضرَّ ركباً كانَ بدراً له

أن لا يراعي النجم في قصده

كأنَّني أبصرُ بين الفلا

حماهُ يستدعي إلى رفده

مخيماً تنثر ألطافهُ

نثرَ سقيطِ الوبلِ من عقده

يستمسك العافي بأطنابه

فليسَ يحتاجُ إلى وُده

وماجدٌ حثَّ ركاب السرى

حثّ الرجا الساري إلى قصده

أهلة تحمل بدر العلى

لله ما تحملُ من مجده

هوادِج تحملُها من سرى

فواقع الآل على مدّه

حتَّى قضيت النسك من بعدِ ما

قضيت نسك الجود في وفده

يرنو إليك الحجر المجتلى

يا أيُّها العين بمسوده

أعظمْ به من حجرٍ للهدى

كأنَّه خالٌ على خده

هذا وفي جلق وجد عشت

طوارق الحزن إلى وُقده

هانَ حماها منذ فارقته

ما أهون الغاب بلا أسده

ومزَّق الروض بها كلّ ما

حاكت خيوط الودق من برده

شرقاً إلى مرتحل أقسمت

لا تبسم الأزهار من بعده

حتَّى إذا عادَ إلى صرحِها

قامَ له الغصنُ على قدّه

وأقبلت تلثم آثارَه

تلكَ الشفاه الحمر عن ورده

أبلج ما ردَّ إليها الحيا

إلاَّ بشمِّ الآس في رده

ليثٌ وغيثٌ في سطاً أو لهاً

فاحْذَره يا طالب واستجده

يروقُ مثل السيف في صفحه

وربَّما راعكَ في حده

فالأمن كلّ الأمن في لينه

والخوف كل الخوف في شده

مهابة الزهد وعزّ التقى

قد كفيا الواحد في جنده

تغفيه في الليلِ سهام الدجى

وأنصل الأدمعِ عن حشده

لا يطمع الطالبُ في شأوِهِ

وإنَّما يطمعُ في رفده

رفد أرادَ الغيثُ تشبيهه

فعُد ذاك الفعل من برده

يعطي ويملينا معاني الثنا

فالمدح والإرفاد من عنده

حقًّا لقد أنجبتمو يا بني

شيبانَ في المجدِ وفي وُلده

منسبٌ غرٌّ لها رونقٌ

أبصرت عقد الدُّر في نضده

أواخر نمّ بها أولٌ

ومجمع لم يغن عنْ فرده

كما تلى التنزيل مستقبل المح

راب والإتمام في حمده

سجاهُ حبّ العفوِ حتَّى لقد

كادَ الفتى يذنب عن عمده

ومرَّ في المجدِ إلى غايةٍ

ما حظّ حاكيها سوى كدّه

ذو قلم يجني الغنى والقنا

من سمِّه الجاري ومن شهده

يقدحُ في أفقِ العلى زنده

وليسَ من يقدح في زنده

يا سيِّداً إن أشكُ دهراً له

كأنَّما أشكو أذى عبده

ماذا جنى بعدكَ من صرفهِ

لنازح أوحشَ من فقده

حتَّى إذا هبَّ نسيمُ اللقا

قام الرَّجا يستنّ من لحده

أهلاً بفيَّاضِ الندى لم يقلْ

مادحه أحسن من ضده

ألهى قريضي عن غزالِ النقا

تغزُّلاً فيهِ وعن هنده

فلم أصفْ من طاحَ من أجلها

وأجله قلبيَ في وجده

أغيد ذو ردف وخصر فكم

في غورهِ أصبو وفي نجده

يجرحُ أجفاني وأرنو لهُ

كأنَّني أقتصُّ من خده

يا ليته بالجفا لي موعداً

لأنَّه يكذِبُ في وعده

وغادة مذ عقدت صدغها

ما خرجَ العاشقُ عن عقده

كأنَّا إذا خضبت غيَّبت

في دمعِي الكفّ إلى زنده

دعْ ذا وعدْ للقولِ في معشرٍ

غرٍّ وفي غيرهم عده

لولا بنو العطَّارِ لم يتنشق

عرف ندى يربو على نده

لا توحش العلياء من نسلهم

ولا ترى الشنعاء من فقده

يكاد سفرٌ ضمَّ أخبارهم

من طربٍ يخرجُ من جلده

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات