قدمت قدوم الخير من بعد غيبة

ديوان عبد الغفار الأخرس

قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبةٍ

كما غابَ بدرٌ ثمَّ أشْرَقَ وانْجلى

وأقبلتَ إقبالَ السَّعادة كلّها

علينا فحيَّا الله وجهك مقبلا

فكنت كصوب المزن صادفَ ممحلاً

وكنَّا بك الظمآن صادفَ منهلا

وشِمْنا سنا برقِ المنى غير خلَّبٍ

تهلَّلَ يمري العارض المتهلّلا

تنقَّلتَ من دارٍ لدارٍ تنقُّلاً

ومن عادة الأَقمار أنْ تنتقلا

وجئتَ إلى بغداد تكشفُ ما بها

من الضُّرِّ حتَّى ترجع الحال أولا

فأهلاً وسهلاً ما أقمتَ ومرحباً

عزيزاً بأكناف المعالي مبجَّلا

بأصدق من وافى من الرّوم لهجة

ومن بعث السلطان عيناً وأرسلا

أمينٌ على العمال تخذلُ ظالماً

وتنصر مظلوماً وتنقذ مبتلى

فقلنا غداةَ استبشر النَّاس كلُّهم

عسى هذه الأَحوال أنْ تتبدَّلا

وفي ضمن لحن القول لولا موانعٌ

دقائق لا تخفى على من تأمَّلا

وكم فرج لله من بعد شدَّةٍ

تعللنا فيه الأَماني تعلُّلا

فنحنُ وأنْ لم يُحسن الكشف حالنا

شتتاً خرقاء واهية الكلا

ومن نظر الأَشياء نظرةَ عارفٍ

رآها لديه مجملاً ومفصَّلا

وحسبُ الفتى ذي اللُّبِّ متن إشارة

يرى شرحها لو كانَ شرحاً مطوَّلا

وما اختصَّك السُّلطان إلاَّ لعلمه

بأنَّك لن تُرشى ولن تتبرطلا

فمن فضله والله يجزي بفضله

علينا أميرَ المؤمنين تفضّلا

لتذهب عنَّا البغيَ جيئة راشد

ونحمد فيه آملاً ومؤمَّلا

وننتظر العقبى فإنَّ وراءها

من اللُّطف ما يحظى به سائرُ الملا

فلا زالَ ظلُّ الله يأتي بعدله

وما ولي الأَحكام إلاَّ ليعدلا

ولم أرَ مثل الفضل يرفع أهْلَه

ولا حلية كالصدق في القول من حُلى

فقل ما تشا والقول في ما تقوله

جليٌّ ويأبى الله أن تتقوَّلا

ودمْ وابقَ واسلمْ ترتقي كلّ منصبٍ

إلى قلّة العلياء تعلو وتوقلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

السّعادةُ والشّقاءُ

يختلفُ مفهومُ السّعادةِ والشّقاءِ باختلافِ المجالِ الفكريِّ والآراءِ والتَّوجُّهاتِ، فنجدُ مفاهيمَ عديدةً تختلفُ بينَ اللُّغةِ والفلسفةِ وعلمِ النَّفسِ والاجتماعِ والدّينِ وغيرِها من مجالاتِ الفكرِ والمعرفةِ…

تعليقات