في كل ناد منك روض ثناء

ديوان ابن خفاجة

في كُلِّ نادٍ مِنكَ رَوضُ ثَناءِ

وَبِكُلِّ خَدٍّ فيكَ جَدوَلِ ماءِ

وَلِكُلِّ شَخصٍ هِزَّةُ الغُصنِ النَدي

غِبَّ البُكاءِ وَرِنَّةُ المُكاءِ

يامَطلَعَ الأَنوارِ إِنَّ بِمُقلَتي

أَسَفاً عَلَيكَ كَمَنشَإِ الأَنواءِ

وَكَفى أَسىً أَن لاسَفيرٌ بَينَنا

يَمشي وَأَن لامَوعِدٌ لِلِقاءِ

فيمَ التَجَمُّلُ في زَمانٍ بَزَّني

ثَوبَ الشَبابِ وَحيلَةَ النُبَلاءِ

فَعَريتُ إِلّا مِن قِناعِ كَآبَةٍ

وَعَطِلتُ إِلّا مِن حُلِيِّ بُكاءِ

فَإِذا مَرَرتُ بِمَعهَدٍ لِشَبيبَةٍ

أَو رَسمِ دارٍ لِلصَديقِ خَلاءِ

جالَت بِطَرفي لِلصَبابَةِ عَبرَةٌ

كَالغَيمِ رَقَّ فَحالَ دونَ سَماءِ

وَرَفَعتُ كَفّي بَينَ طَرفٍ خاشِعٍ

تَندى مَآقيهِ وَبَينَ دُعاءِ

وَبَسَطتُ في الغَبراءِ خَدّي ذِلَّةً

أَستَنزِلُ الرُحمى مِنَ الخَضراءِ

مُتَمَلمِلاً أَلَماً بِمَصرَعِ سَيِّدٍ

قَد كانَ سابِقَ حَلبَةِ النُجَباءِ

لا وَالَّذي أَعلَقتُ مِن تَقديسِهِ

كَفّي بِحَبلَي عِصمَةٍ وَرَجاءِ

وَخَرَرتُ بَينَ يَدَيهِ أَعلَمُ أَنَّهُ

ذُخري لِيَومِيَ شِدَّةٍ وَرَخاءِ

لا هَزَّني أَمَلٌ وَقَد حَلَّ الرَدى

بِأَبي مُحَمَّدٍ المَحَلَّ النائي

في حَيثُ يُطفَأُ نورُ ذاكَ المُجتَلى

وَفِرِندُ تِلكَ الغُرَّةِ الغَرّاءِ

وَكَفى اِكتِئاباً أَن تَعيثَ يَدُ البِلى

في مَحوِ تِلكَ الصورَةِ الحَسناءِ

فَلَطالَما كُنّا نُريحُ بِظِلِّهِ

فَنُريحُ مِنهُ بِسَرحَةٍ غَنّاءِ

فَتَقَت عَلى حُكمِ البَشاشَةِ نورَها

وَتَنَفَّسَت في أَوجُهِ الجُلَساءِ

تَتَفَرَّجُ الغَمّاءُ عَنهُ كَأَنَّهُ

قَمَرٌ يُمَزِّقُ شَملَةَ الظَلماءِ

قاسَمتُ فيهِ الرُزءَ أَكرَمَ صاحِبٍ

فَمَضى يَنوءُ بِأَثقَلِ الأَعباءِ

يَهفو كَما هَفَتِ الأَراكَةُ لَوعَةً

وَيُرِنُّ طَوراً رِنَّةَ الوَرقاءِ

عَجَباً لَها وَقَدَت بِصَدرٍ جَمرَةً

وَتَفَجَّرَت في وَجنَةٍ عَن ماءِ

وَلَئِن تَراءى الفَرقَدانِ بِنا مَعاً

وَكَفاكَ شُهرَةَ سُؤدُدٍ وَعَلاءِ

فَلَطالَما كُنّا نَروقُ المُجتَلي

حُسناً وَنَملَأُ ناظِرَ العَلياءِ

يُزهى بِنا صَدرُ النَدِيِّ كَأَنَّنا

نَسَقاً هُناكَ قِلادَةُ الجَوزاءِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن خفاجة، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات