فريدة حسن وجهها البدر طالع

ديوان عبد الغني النابلسي

فريدةُ حسنٍ وجهُها البدرُ طالعُ

أشاهد معنى لطفِها وأطالعُ

تجلّت وكل الحادثات مغاربٌ

فجلَّت وكل الحادثات مطالع

ولاحت لعيني وهي نور فأَعدَمت

ظلامَ سواها واستنارت مرابع

وكانت ولا شيءٌ كما هي لم تزل

كذلك والأشياء منها وقائع

نفتني بأنوار التجلي وأثبتت

فكلي لها منها إليها ودائع

وعندي لها أنواع عشق تفصلت

على قدر ما تبديه منها البراقع

تثنت فقالوا لاح ثان وثالث

على الزور والبهتان منهم ورابع

ولو وحَّدوها طبق ما زعموا لما

رأوا غيرها في كل ما هو واقع

فهل من فتىً يا غافلون أدلُّه

عليها فيحظى بالذي هو طامع

وتنفتح الأبوابُ بعد انغلاقها

ويدخل بيت العز من هو قارع

نعم هو هذا لو ثبتم على التقى

كما أنا أدري واستقلت مطالع

وسلمتم الأحوال لله كلها

وفيه استقمتم ما ثناكم منازع

تريدون لكن بالأماني وصالها

فيدفعكم وهمُ السوى ويمانع

ولا صدق إلا في مراد نفوسكم

لكم وأعاقتكم دعاوى قواطع

وأين اقتحام الحرب من ذاكر لها

ولا يشبه الشبعان من هو جائع

ومن يخطب الحسناء يسنح بمهرها

وطالب شهد لم تخفه اللواسع

رويدك مهلاً إن للحق عصبة

وما منهمو إلا وبالحق صادع

أقاموا على محض اليقين بناءهم

وجامدهم من هيبة الأمر مائع

وداموا على صدق الإرادة والرجا

وهم كل قرم للخطوب يقارع

وقد عمروا أوقاتهم بحضوره

وعندهم الدنيا ديارٌ بلاقع

وأعلى العلى من دون دون نعالهم

يعز بهم متبوعهم والمتابع

هي الشمس أبدت ما سواها أشعة

إذا غربت نحن النجوم الطوالع

أشارت بجفن العين فافتتن الورى

ولا قلب إلا وهو حيران والع

وأبصرها طرفي وذلك طرفها

فكان لها منها بصير وسامع

وأحببتها بل تلك كانت هي التي

قديما أحبتني فزال التقاطع

وقد ملأت عيني بأنوار قدسها

ومنها لغزلان الجمال مراتع

وما الكل إلا صورة مستحيلة

كماء له موجٌ وفيه فواقع

وما الماء إلا الروح والموج أنفس

فواقعها الأجسام وهي الجوامع

وتلك تقادير بها الأمر ظاهر

ومن خلف هذا كله الذات واسع

صدقتك جاء الحق والباطل انتفى

وزالت تماثيل الخيال الخوادع

ومخطوبة الأرواح ألقت لثامها

عن الوجه منها وهو بالنور ساطع

فأفنت جميع الكائنات وهيمت

رجالاً وهت منهم عليها الأضالع

وكم فتنت في عشقها من متيم

إذا ذكرت منه تفيض المدامع

صلت بالمصلَّى مهجتي بفراقها

ونلتُ مُنىً إذ لي مِنىً هو جامع

وجادت على كل الذوات بذاتها

فلا ذات إلا ذاتها يا مدافع

وكل صفات الكون فهي صفاتها

وتنزيهها في الكون بالكون شائع

ولا قائم إلا بها في وجوده

ولا صانع إلا بها هو صانع

ألفت قديماً حبَّها وهو حب ما

أحب فكانت ما أنا فيه والع

وقرت بها عيني غداة عرفتها

فمن عينها تجري لعيني منابع

وبانت وما بانت فلا شيء غيرها

سوى أننا عنها بروق لوامع

إذا أسفرت عن وجهها برقعَ السوى

هدت كلَّ ضال في الورى هو ضائع

وإن سترت بالغير وجه جمالها

أضلت عقولاً تعتلي فتقارع

ولولا دفاع الناس بعضاً ببعضهم

لهدت كما قال الإلهُ صوامع

ونحن أولاء المؤمنين بحسنها

عداوتنا سم حذارك ناقع

ومن رامنا بالسوء فالله دائماً

كما جاء في القرآن عنا يدافع

ألمت بنا والكون كالليل مظلم

فلم تشعر الواشون إذ هم هواجع

وزارت على رغم الأعادي فانكروا

زيارتها قالوا خيال يرافع

وما ذاك إلا أنني كنت فارساً

ببيدائها والغير في السير ظالع

محجبة إلا على كل محرم

لها قرَّبتْهُ فهو للوتر شافع

ومقبلة لكن على كل تارك

سواها بها عنها إليها يسارع

أعارت معاني الكون ثوب صفاتها

وكل معار للمعيرة راجع

وأودعت الأشياء سر وجودها

ولا بد يوما أن ترد الودائع

ظهرنا بها لا بل بنا ظهرت وقد

تساوت دوانٍ ههنا وشواسع

ولا دين إلا حبها عند أهلها

فكم نحوها من ساجد وهو راكع

إليها صلاة القوم أين توجهوا

وقبلتهم وجه لها يتلامع

وبالماء ماء الروح من أمرها لهم

وضوء وغسل دائم متتابع

وإن خالطوا الأغيار كانت جنابة

لهم رفعها فرض على القوم قاطع

وإن لم يكن ماء هناك تيمموا

صعيداً له طيب من الجسم ضائع

هو الحق لاقوا من سواه نجاسة

فمنها قد استنجوا وزالت فظائع

وعن غيره لم ينطقوا فتمضمضوا

وشموه باستنشاقهم فهو ذائع

وعمّا سواه كان غسل وجوههم

لكي يقبلوا عنه له ويسارعوا

وغسل يديهم من جميع أمورهم

بتغويضهم فيه تنال المطامع

وتثليث هذا الغسل شكل مثلث

به ظهرت ممن براه صنائع

وقد مسحوا فيه رؤوس رياسة

فما الذل إلا وصفهم والتواضع

وقد غسلوا أقدامهم في قيامهم

بخدمته عن كل ما هو مانع

وقد كبروه عن مدى وصفهم له

برفع يديهم ظاهراً وهو رافع

وأثنوا عليه بالذي هو أهله

ومنه استعاذوا فهو ضار ونافع

وهم باسمه قاموا ليتلوا كلامه

فما منهمو إلا به هو خاشع

وإن ركعوا مالوا إليه بكلهم

وصاروا لديه والقلوب خواضع

وإن سجدوا يفنوا ويبقوا به له

إذا سجدوا الأخرى وتبدو بدائع

وفيهم سكونٌ من قعود تشهُّدٍ

له وانقضى تحريكهم والتنازع

وقد سلموا طوعاً إليه وأسلموا

ومنهم له التسليم للسوء دافع

ولا مال عند القوم إلا نفوسهم

تجارتهم فيها غلت والبضائع

وقد أنفقوها حين آتوا زكاتهم

على الحق لم يقطع به عنه قاطع

وأدوا إليه فطرة فطروا بها

وما غيروها والقلوب طوائع

وصاموا عن الأغيار فيه وأفطروا

على وجهه مذ غاب للكون طالع

وفي الحج كانوا بيت عزته فهم

بنشأتهم طافوا فست وسابع

وقد رملوا في ذا الطواف تدللاً

عليه وفخر عندهم فيه بارع

ولما بدا من قلبهم حجر الهدى

له استلموا إذ منه بانت أصابع

وفي عرفات الوصل حازوا تقرباً

بوقفتهم فيها فزالت موانع

ونالوا مُناهم في مِنى وبها رموا

جمارَ همومٍ كلهنَّ مصارع

وقد ودعوا البيت العتيق وأقبلوا

على أصلهم في العلم وهو مواضع

وفي عيد نحر الهجر فازوا بذبحهم

ضحايا طباع هن فيهم لواسع

ذبيحة نفس قطعُ عرقِ فسادِها

إلى أن يفي منها خؤونٌ مخادع

وأخذ لقيط القلب في مسجد الحجى

مهم له تسعى الكرام المصاقع

ومن يلتقط سراً بتعريفه له

يرد على الروح الإلهي ضائع

وغيبة مفقود عن الكون حكمها

كموت له في كل أمر يضارع

وحب معاني الحق إخراج عشرها

خراجٌ لأرباب الجهالة قاطع

وجزية كفار النفوس يكون عن

يدٍ وصغارٍ حيث قرر واضع

ومن نال صيد الغيب كلبُ هواه أو

أعيقت ببازي القلب طير سواجع

فقد فاز بالقصد الذي هو راكب

إليه على خيل وهن الطبائع

وواهب ذات الخال ظلمة كونه

تعوضه نوراً به هو لامع

وقد آجر الأقوام إمكانهم له

فأجرتهم إنعامه المتسارع

وباعوا نفوساً في هواه نفيسةً

له فاشتراها حين أوجب بائع

فقال لهم فاستبشروا إذ ببيعكم

توليتكم فالكلُّ عندي مطاوع

وإن جهاد القلب للنفس واجب

عليهم لفتح الروح فهو المصارع

وقد دخلوا بالملك في قلعة الأنا

فليس لهم عما يرومون دافع

وقادوا أسارى كلَّ خُلْقٍ مُذمَّمٍ

وفاز شجاع بالغنائم دارع

وقد شاركوه في الوجود فثامن

لفسخ اشتراك كان منهم وتاسع

وقد كفل الرحمن أرزاقهم لهم

وطالب بالأعمال وهي منافع

فإن الدعاوى ألزمتهم كفالة

بأعمالهم والكل منه نوابع

وتوكيلهم للحق أنتج قربهم

إليه وهذا للكمال ذرائع

أحال بهم يوما عليهم فأفلسوا

وقد أصبحوا بعضٌ لبعض يتابع

ولما إليه بالحوالة ردَّهم

لهم بالفنا كانت لديه يتابع

ونحن له وقفٌ لأجل صفاته

وقد عمرت منا لهنَّ المزارع

وقاض قضى بالحق والروح شاهد

فكان لحق النفس منها مقامع

ودعوى الغنى تعطي الخصومة في الهوى

وقد جمعت للعاشقين مجامع

وجاءت بأنواع الشهادات أمة

على الحق زكتها صفات بوارع

وهذا نكاح الأمر عقد محقق

ومن كل شيء خَلْقُ زوجين بادع

شهدنا على إيجابنا وقبولنا

وكانت لنا بالحضرتين وقائع

وزفت عروس القرب ليلة قدرنا

وفي ذَكَرِ الذكر استلذَّ المجامع

وإنزالُهُ القرآن قد حملت به

فروج قلوب بالعلوم تدافع

وبت طلاق الصبر زوج فتى الهوى

ثلاثاً على سلمى فكيف يراجع

ولو دفعت كل الذي هو ملكها

على طلقة ما كان قلبي يخالع

وبُرَّتْ يمينٌ واليمين ثلاثة

غموسٌ بحكم الغير للغير رائع

ولغو على أهل المجاهدة احتوى

ولا إثم فيه لكن القلب جازع

ومنعقد وهو الذي بين قومنا

تلذ به عند اللقاء المسامع

كلام على حكم العيان مفصل

به الغيث من سحب الحقائق هامع

وتكفيره في حنثه ستر كل ما

بدا فثمار الحظ منه أيانع

ومن يأخذ الدنيا بشفعة داره

من الحق لما باعها فهو باخع

ومن رد عبداً آبقاً كان أجره

عظيماً على مولاه فهو الموادع

وإحيا موات النفس بالذكر واجبٌ

ليسعد فيها بالحراثة زارع

وقتلك معنى الروح بالروح يقتضي

قصاصاً بسيف الحق إذ هو شارع

وإن أخذت من وصفها ديةً له

فذلك حكم للقصاص يضارع

وهيأت الأقوام أرض نفوسهم

فكان المساقي شيخهم والمزارع

وإقرارهم بالحق حجتهم على

سواه وكلٌّ لابسُ الأمر خالع

وإعطاء رأس المال وهو وجودهم

إليه اقتضى ربحاً وضل المخادع

مضاربة منه قديماً مع الذي

له كل ما في الكائنات توابع

وإن غصبوا أوصافهم من ذواتها

أغارت عليهم منه خيل طلائع

وفي الصلح عن دعوى المغايرة اختفوا

فهم منه في الدنيا غيوث هوامع

وقد رهنوه بالديون قلوبهم

وماض وحال لا يفي ومضارع

حدود الهوى قامت عليهم بربهم

فلم يعتدوها والحدود روادع

ومن يدعي ملكاً فذلك سارق

يمد يداً فالحق لليد قاطع

وعينيك فاسمع لا تَمُدَنَّ قال في

إمامٍ فكيف المقتدي وهو تابع

وخمر السوى منه إذا شرب امرؤٌ

عليه بأنواع الخطوب مقارع

وزانيةٌ لم تحصن الفرج عن سوىً

لها الرجم بالحرمان حد يمانع

وقذف أولي التشبيه يوجب حدهم

سياطَ بعادٍ عن حماه قوارع

وقد كان بالتقوى وصيته لنا

غداة بدت سبلٌ ولاحت مشارع

به منه تقوانا فلا ندعي لنا

وجوداً ونرضى حكمه ونطاوع

وميراثه منا بميراثنا له

فرائض كانت منه فينا بواضع

فَثَمِّنْ وثلث إرث أم كتابنا

على حكمها في قسمتي لا أنازع

ولا يرث المحجوب منهم بحاجب

على العين حكمٌ قررته الشرائع

وبالعول إن زادت سهام أولي الحجى

خيالاً تراءته العيون الهواجع

أعد نظراً ما زاد شيءٌ على الذي

عملت ولكن لجة وزعازع

وقام وصي الحق يحفظ بالهدى ال

يتيم الإلهيْ والجميع مراضع

وفقه الهوى فرض على القوم درسه

وكم ناله شيخ وكهل ويافع

ومن كان مقداماً يَلِجْ كل لجة

إليه وإن ضجت عليه الضفادع

وأهل طريق الله قد ألفوا السرى

وطال بطاحٌ دونهم وأجارع

وغابوا عن الأكوان في الغيب حيث لم

يكن ههنا إلا الشخوص الخوادع

ومدت لهم منه يد أقدسية

تبايعهم فيها رأوا فتبايعوا

هم القوم لا يشقى الجليس بهم إذا

لهم كان في سر وجهر يطاوع

وقد زهدوا في الزهد عما سواه إذ

رأوا الزهد معنىً للعقول يخادع

وعن توبة تابوا وهذا مقامهم

لهم هو من فوق المقامات رافع

وتقواهم التقوى على كل حالة

لديهم عن التقوى وتلك بدائع

وما ورع إلا عن الورع اقتفوا

وما منهمو إلا عن القنع قانع

وفاتوا مقامات السلوك لأنها

على أوجه الأسرار منهم مقانع

وقاموا بوصف الذات في غيب غيبه

له فيه ختم مثل ما كان طابع

وتمت معانيهم على كلماته

وماء الهدى من عينهم هو نابع

وزال الذي كانوا يظنون أنه

سواهم له عز عن الكل شاسع

وقد كان وهماً ذاك عند عقولهم

كمثل رقوم أظهرتها المدامع

وقد بدلت أرض لهم غير أرضها

كذاك سموات وزالت طوالع

وقد برزوا للواحد الأحد الذي

بهم هو فيه عالم ثم صانع

وكانوا كما كانوا على الحالة التي

بها أزلاً كانوا كلم يك واضع

كما أنه باق بما هو فيه من

قديم وهذا الأمر للوهم قامع

بدايتهم كانت نهايتهم به

ومهيعهم آلت إليه المهايع

وفي العلم كل هكذا مترتب

حضور له ما قد مضى والمضارع

فمن يعلم العلم القديم يرى الذي

أقول وتُرمى عن حمير براذع

وتخفى علوم للعقول حوادث

عناكبها تبني البيوت خوادع

ولم يك ذا إلا بتعليمه ولا

يعلم إلا من لديه يوادع

وما كان فيه فهو يبدو له به

وما لم يكن فيه فما هو واقع

هيولا شهدنا أنها نور نوره

لها صور شتى به تتدافع

وألوانها ذات الفنون فأزرق

سماويُّ لونٍ ثم أبيض ناصع

وأسود غربيبٌ وأخضر ناضرٌ

وأحمر قاني ثم أصفر فاقع

ظواهر منه فيه عنه له به

بواطن أفناها من الذات لامع

وبالحق أنزلنا وبالحق نازل

لقد حققته العارفون المصافع

وما الحق إلا واحد فهو عالم

وعلم ومعلوم ثلاث قوارع

ومن ههنا ألهى التكاثرُ أمة

محققها من كوثر هو جارع

وذلك نهر الجنة العذب ماؤه

وفي الحوض أنبوبان منه شوارع

هو الحوض منه كل من نال شربة

فلا ظمأ يلقى ولا هو جازع

ويطرد عنه كل من تبع الهوى

وتمزيقه ديناً بدنياه راقع

أباريقه قوم به امتلأوا وهم

نجوم بآفاق العلوم سواطع

يضيء بهم ليل السراة إلى الحمى

ومنهم رجوم للطغاة قوامع

حنانيك عش إن فزت منهم بواحد

سعيداً قرير العين غصنُك يانع

وكن عبده لا عبد حظ وشهوة

فما أنت ناويه على القلب طابع

وهذا مقام حف بالبؤس والأسى

وما ناله إلا الشجاع المقارع

ودم طالباً منه التحقق فيه لا

سواه تجده عنك فيك يسارع

وإن زدت صدقاً في محبته له

به زدت قرباً واهتدى منك ضائع

وزالت معاني الغير في العين وانطوت

مسافة نفس بالمحال تخادع

وكنت كما قد كنت من قبل لم تكن

وكان كما قد كان وهو الموادع

عليم بذات منه تجلى عليه في

معاني صفات كلهن بوادع

وفيه زمان والمكان تداخلا

وكيفٍ وكمٍّ وهو للكل جامع

له الكل وهو الكل وهو منزه

عن الكل فاعرف واعتبر يا منازع

تصاويره فيه تماثيله له

تقاديره منه فروض بوارع

من العدم امتدت إلى العدم انتهت

خيلات عقل واحد يتلامع

وما هو إلا النور نور محمد

تبدى من النور الذي هو طالع

فنور على نور كذا قال ربنا

وذلك مشفوع لديه وشافع

وأعلاهما النور الإلهيُّ شأنه ال

تكبر والأدنى هو المتواضع

وذلك لا يفنى وذا كل لمحة

بأيدي الفنا ثم البقا يتتابع

تجليه يبقيه به واستتاره

فناء له في الفكر والحس قالع

هو العقل عقل الكل فرد جوهر

يلوح ويخفى عن ضيا وهو شارع

هو الروح روح الكل والقلم الذي

به الكل مكتوب له اللوح واضع

وعرش وكرسي تجسم فيهما

له صورة تحويهما وأضالع

وفي كل شيء سر أمر ملبس

بخلق جديد للخفاء مسارع

كبرق عن الذات النزيهة لامع

فيا لك برق من حمى الحب لامع

سرت نسمات الروح من روضة الحمى

فعطرني طيب من الحب ضائع

وعطرت الأنفاس مني بنفحها

جميع الورى حتى استطيبت مصانع

وقامت دعاة الحق بالحق عن يدي

تعاهد أرباب التقى وتبايع

فَحَيَّهَلا يا قوم نحو حقيقتي

فإن طيوري بالجمال سواجع

وحوضي ملآنٌ ومائي مروَّقٌ

وروضي بأنواع المحاسن يانع

وباعي طويل والزمان مساعد

لنا وعيون الدهر عنا هواجع

وكاسات أفراحي براحي وراحتي

دهاق وأيامي المواضي رواجع

علي سلامي في الورى يوم مولدي

وموتي وبعثي ماهمى الدهر هامع

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغني النابلسي، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات