فتن المرعث بعد طول تصاح

ديوان بشار بن برد

فُتِنَ المُرَعَّثُ بَعدَ طولِ تَصاحِ

وَصَبا وَمَلَّ مَقالَةَ النُصّاحِ

وَأَصابَهُ سِحرُ البَخيلَةِ بَعدَ ما

أَلِفَ الصَلاةَ وَعاذَ بِالمِسباحِ

فَتَعَرَّضَت لَكَ لِلَّذي حاذَرتَهُ

حَوراءُ في عِقدٍ لَها وَوِشاحِ

خَودٌ إِذا جَنَحَ الظَلامُ فَإِنَّها

تَكفي الأَوانِسَ فَقدَةَ المِصباحِ

وَلَو اَنَّها داوَت صَدىً مِن هائِمٍ

حَرّانَ يَنظُرُ غَفلَةَ المَيّاحِ

بِرُضابِ ذي أَشَرٍ أَغَرَّ كَأَنَّما

غُبِقَت مَشارِبُهُ مِنَ التُفّاحِ

شَفَتِ الغَليلَ وَلَم تُنَل بِمَلامَةٍ

وَشِفاءُ مَن تَيَّمتِ غَيرُ جُناحِ

إِنَّ البَخيلَةَ لَو يَميلُ بِها الصِبى

كَالقِنوِ مالَ عَلى أَبي الدَحداحِ

أَتَنَصُّحاً ما تَأمُرينَ فَمِثلَها

رَجَعَ النَصيحُ شَفى مِنَ الأَبراحِ

رَجُلٌ سَيَبذُلُ لِلطَبيبِ تِلادَهُ

إِن كانَ ذا ثِقَةٍ لَهُ بِنَجاحِ

وَلَقَد كَلِفتُ بِها وَعَيَّرَني الهَوى

بادي النَصيحَةِ ساكِنُ الأَرواحِ

فَحَلَفتُ لا أُعطي العَواذِلَ طاعَةً

حَتّى يُقامَ عَلَيَّ بِالأَنواحِ

وَإِذا هَويتَ فَلا يُعَيِّرُكَ الهَوى

إِلّا مَقالَةُ آخَرينَ صِحاحِ

وَمُعَذَّلٍ هَجَرَ اللِئامُ حَديثَهُ

مُتَعالِمٍ بِفُتُوَّةٍ وَمِزاحِ

نازَعتُهُ الرَيحانَ في نَفَسِ الضُحى

وَسَماعَ عامِلَةِ اليَدَينِ رَداحِ

وَزُجاجَةٍ لِلشَربِ فيها مَقنَعٌ

قُرِنَت بِأَزهَرَ كَالغَزالِ مُباحِ

فَإِذا النَديمُ شَكا الصَدى مِن هامَةٍ

عِندي شَفَيتُ صَداءَهُ بِالراحِ

مِمّا تَضَمَّنَهُ أَشَمُّ مُعَمَّمٌ

بِلِحاءِ باسِقَةٍ مِنَ الأَدواحِ

فَإِذا أَكَبَّ حَكى لِسَمعِكَ ضاحِكاً

تَحتَ الغَمامَةِ أَو دَوِيَّ نُباحِ

بِخُروجِ لَيِّنَةِ المَذاقِ رَقيقَةٍ

كَالدَمعِ تَخلِطُ لينَها بِجِماحِ

حَتّى أَروحَ وَقَد قَضَيتُ لُبانَةً

أَندى مِنَ المُتَضَيِّفِ الرَوّاحِ

لِوِصالِ أُخرى قَد سَلَوتُ سُلُوَّها

فَأَبَت بَناتُ فُؤادِيَ المُرتاحِ

لَمّا رَأَتني فَوقَ أَجرَدَ سابِحٍ

كَالفَيءِ مُعتَرِضاً عَلى أَرماحِ

سَلِسَ المُقَلَّدِ لا أُخَفِّضُ جاشَهُ

إِلّا تَقاذَفَ غَربُهُ بِطِماحِ

قالَت لِجارَتِها أَتانا زائِرٌ

رَقَّت لَهُ كَبِدي وَلانَ جَناحي

ماطَلتُهُ دَيناً وَطالَ طِلابُهُ

وَالدَينُ مُنسَرِحٌ وَغَيرُ سَراحِ

فَاليَومَ أَقضي دَينَهُ بِنِيابَتي

في كُلِّ غَدوَةِ شارِقٍ وَرَواحِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

ومعذل هجر اللئام حديثه

وَمُعَذَّلٍ هَجَرَ اللِئامُ حَديثَهُ مُتَعالَمٍ بِفُتُوَّةٍ وَمُزاحِ نازَعَتهُ الرَيحانَ في نَفَسِ الضُحى وَسَماعِ عامِلَةِ اليَدَينِ رَداحِ وَزُجاجَةٍ لِلشَربِ فيها مَقنَعٌ قُرِنَت بِأَزهَرَ كَالغَزالِ مُباحِ سَلِسٍ…

تعليقات