فتاتي نديمي غنيا بحياتي

ديوان بشار بن برد

فَتاتَي نَديمي غَنِّيا بِحَياتي

وَلا تَقطَعَا شَوقي وَلا طَرَباتي

يُكَلِّفُني مَولاكُما الكَأسَ غادِياً

وَكَيفَ أَطيقُ الكَأسَ وَالعَبَراتِ

فَقُلتُ لَهُ يَكفيكَ ما قَد أَصابَني

مِنَ الحُبِّ في نَومي وَفي يَقَظاتي

وَما كُلُّ ما حَمَّلتَهُ النَفسَ بالِغاً

رِضاكَ وَلا كُلُّ الخُطوبِ تُواتي

فَلا تَسقِني أَصبَحتُ مِن سَكرَةِ الهَوى

أَميدُ أَلا حَسبي مِنَ السَكَراتِ

ذَكَرتُ حَبيبي فَاِستَهَلَّت مَدامِعي

وَفي الدَمعِ أَشغالٌ عَنِ النَشَواتِ

لَقَد قُلتُ لِلعَينِ المَريضَةِ بِالهَوى

أَفيقي وَإِن لَم تَفعَلي فَأَساتِ

وَعَزَّيتُ نَفسي عَن عُبَيدَةَ بِالرُقى

لِتَسلى وَما تَسلى عَنِ الرُقَياتِ

فَما أَعتَبَتني العَينُ مِن فَيضِ عَبرَةٍ

وَلا يَرعَوي قَلبي إِلى دَعَواتِ

وَإِنّي لِأَهواها وَإِن كُنتُ كاذِباً

فَلا رُفِعَت في الصالِحينَ صَلاتي

تَقَطَّعَ قَلبي زَفرَةً بَعدَ زَفرَةٍ

عَلَيها وَما صَبري عَلى الزَفَراتِ

وَأَحجُبُ زُوّاري اِغتِباطاً بِخَلوَةٍ

وَما كُنتُ أَهوى قَبلَها خَلَواتي

وَأُضمِرُها في النَفسِ حَتّى كَأَنَّما

أُكَلِّمُها بَينَ الحَشا وَلَهاتي

وَجارِيَةٍ في مُقلَتَيها لِناظِرٍ

دَواءٌ وَداءٌ غَيرِ أُمِّ عِداتِ

دَسَستُ إِلَيها مَنطِقي وَكَسَوتُها

مَناسِبَ مِثلَ الوَشي فَالحِبَراتِ

فَجاءَت ثَقالَ الرِدفِ مَهضومَةَ الحَشا

وَكَالشَمسِ لا تُلفى إِلى أَخَواتِ

رَأَت خَلَلاً بَينَ العُيونِ فَأَقبَلَت

عَلى خَوفِ أَعداءٍ وَخَوفِ وُلاةِ

وَقالَت لِتِربَيها قِفا دونَ حاجَةٍ

لَنا عِندَ أَمثالِ المَها خَفِراتِ

فَإِنَّكُما إِن تُعرَفا تُزرِيا بِنا

وَبَعضُ الهَوى يُرتادُ بِالخَلَواتِ

فَلَمّا اِلتَقَينا ضِقتُ ذَرعاً بِما أَرى

وَأَلقى عَلَيها مَعشَقي شُبُهاتي

فَقُلتُ لِنَفسي الشَمسُ جَلَّت لِناظِرٍ

أَم البَدرُ يُجلى في قِناعِ فَتاةِ

فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ عَيشٍ سَرَقتُهُ

وَلا مِثلَ حُسّادي عَلى السَرِقاتِ

وَما كانَ إِلّا مَأخَذي بِيَمينِها

وَعَضُّ بَنانٍ كُنَّ مِن فَتَناتِ

وَمَوضِعُ كَفٍّ خُضِّبَت لِلقائِنا

عَلى كَبِدٍ مَجنونَةِ الهَفَواتِ

فَلَولا التُقى راحَت وَرُحتُ عَشِيَّةً

نَعُدُّ هَناتٍ بَينَنا وَهَناتِ

فَيا مَجلِساً أَبقى لِقَلبِكَ ذُكرَةً

عَلى عُدُواءِ الشَوقِ رادِياتِ

إِذا شِئتُ أَبكاني الحَمامُ بِصَوتِهِ

وَهاجَ عَلَيَّ الشَوقُ طولَ سُباتي

وَعِندَ وَلِيِّ العَهدِ شافٍ مِنَ الجَوى

فَروحا عَلَيهِ ذُكرَةً بِشَكاتي

لِعَلَّ أَمينَ اللَهِ موسى بنَ أَحمَدٍ

يَذوقُ لَنا كَأساً مِنَ السَلَواتِ

هُوَ المَلِكُ المَأمولُ وَالقائِمُ الَّذي

يُوَلِّفُ بَينَ الذِئبِ وَالنَقَداتِ

مِنَ المُطعِمينَ المُنعِمينَ نُعِدُّهُ

لِيَومَ لِقاءٍ أَو لِفَكِّ عُناةِ

يَقومُ بِأَفعالِ النَبِيِّ وَقَولِهِ

كَوَحي اِبنِ بَيضٍ في صَفاءِ صِفاتِ

إِذا فَزِعتَ يَوماً لُؤَيُّ بنُ غالَبٍ

رَمى دونَهُم بِالخَيلِ مُعتَرِضاتِ

وَإِن دُهِموا في مَأزِقٍ قامَ دونَهُم

كَما قامَ جاري النَبلِ دونَ نُباتِ

عَلى مُلكِهِ ضُمَّت قُرَيشٌ وَأَفرَطَت

قَبائِلُ مِن وُدٍّ لَهُ وَعُداةِ

مُصيخينَ مِن وَقعِ السُيوفِ كَأَنَّهُم

خِرابٌ تَلوذُ مِن صُقورِ فَلاةِ

فَقُل لِلَّذي يَرجو الخِلافَةَ بِالمُنى

تَنَحَّ لِموسى صانِعِ الحَسَناتِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات