غنت ناصية الظلماء لم تشب

غنت ناصية الظلماء لم تشب - عالم الأدب

غَنَّت ناصِيَةُ الظَلماءِ لَم تَشِبِ

فَلَيتَها إِذ كَتَمتُ الحُبَّ لَم تَشِ بي

ناحَت وَنِحتُ وَلَم يَدلُل عَلَيَّ سِوى

دَمعٍ يُفَرِّقُ بَينَ الحُزنِ وَالطَرَبِ

شَجوي طَويلٌ وَلَكِن ما قَنِعتُ بِهِ

حَتّى اِستَعَنتُ بِشَجوِ الوَرَقِ في القُصُبِ

مِثلُ الرَميميُّ لَم يُقنِعهُ تالِدُهُ

مَجداً فَأَيَّدَ مَوروثاً بِمُكتَسَبِ

لِلَّهِ عِلمٌ وَإِقدامٌ حَكى بِهِما

بَأسَ الرُجومِ وَنورَ الأَنجُمِ الشُهُبِ

أَوفى بِهِ السَبقُ في حُكمٍ وَفي حِكَمٍ

مُقَسَّمَ النَفسِ بَينَ البَأسِ وَالأَدَبِ

فَإِن يَقُل فَزِيادٌ غَيرُ مُستَمَعٍ

وَإِن يُحارِب دَعا النُعمانُ بِالحَرَبِ

راعى اللَيالي بِأَطرافِ الخُطوبِ كَما

أَجادَ دَفعَ الخُطوبِ السودِ بِالخُطَبِ

لَم يُبقِ صَولُكَ عِزَّ المُلكِ في عَجَمٍ

وَلا بَيانُكَ فَضلَ القَولِ في عَرَبِ

إِذا طَغى بَحرُهُ يَومَ الهَياجِ تَرى

عِداهُ أَقصَرَ أَعماراً مِنَ الحَبَبِ

تُشَبُّ نارُ العُلى مِنهُ عَلى عَلَمٍ

وَيَنتَهي شِبهُها مِنهُ إِلى قُطُبِ

وَضَوءَ سيرَتِهِ نورٌ بِلا لَهَب

لَو شاءَ بِالسَعدِ رَدَّ السَهمَ في لُطُفٍ

مِنَ المُروقِ وَنالَ النَجمَ مِن كَثبِ

لا تَبغِ لِلناسِ مَثَلاً لِلرَئيسِ أَبي

يَحيى فَلَيسَ يُقاسُ الصُفرُ بِالذَهَبِ

لَو لَم يُرَجِّحهُ فَضلُ الحِلمِ طارَ بِهِ

تَوَقُّدُ الذِهنِ في الأَفلاكِ وَالشُهُبِ

أَغَرُّ يَنظُرُ طَرفُ المَجدِ عَن صَوَرٍ

مِنهُ وَيَضحَكُ سِنُّ الدَهرِ عَن شَنَبِ

عَفٌّ تُرَنِّحُ مِنهُ أَريحيَّتُهُ

مُعاطِفاً لَم تُرَنِّحها اِبنَةُ العِنَبِ

حَمى الهُدى وَأَباحَ الرِفدَ سائِلَهُ

فَالدينُ في حَرَمٍ وَالمالُ في حَرَبِ

تُنبيكَ عَن سِرِّ جَدواهُ طَلاقَتُهُ

كَالبَرقِ يُخبِرُ عَن فَيضِ الحَيا السَرِبِ

شَمسٌ لِمُستَرشِدٍ ظِلٌّ لِمُلتَجىء

عَتبٌ لِمُستَعتِبٍ أَمنٌ لِذي رَهَبِ

مُعَظَّمٌ كَالغِنى في عَينِ ذي عَدَمٍ

مُحَبَّبٌ كَالشِفا في نَفسِ ذي وَصَبِ

حَوى أَقاصي الهُدى وَالجَودِ في مَهَلٍ

وَغادَرَ السُحبَ وَالأَقمارَ في تَعَبِ

نَمَّت أَوانَ الصِبا أَخبارَ سُؤدَدِهِ

وَأَيُّ رَوضٍ مَعَ الأَطيارِ لَم يَطِبِ

يُعطي وَلَم تَصدُرِ الآمالُ عَن عِدَةٍ

مِنهُ وَلا وَرَدَت مِنّا عَلى طَلَبِ

شَذَّت بِهِ عَن بَني الدُنيا مَحاسِنُهُ

فَعاشَ مُستَوطِناً فيهِم كَمُغتَرِبِ

هَذا الوَداعُ وَعِندي مِن حَديثَكَ ما

مِنَ الغَمامَةِ عِندَ النَورِ وَالعُشُبِ

واِمدُد يَمينَكَ أَلثُمها وَأُخبِرُهُم

أَنّي لَثَمتُ النَدى صِدقاً بِلا كَذِبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن سهل الأندلسي، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات