عسى خطرة بالركب يا حادي العيس

ديوان لسان الدين بن الخطيب

عَسَى خَطْرةٌ بالرّكْبِ يا حادِيَ العِيسِ

علَى الهضْبَةِ الشّمّا منْ قصْرِ بادِيسِ

لتَظْفَرَ منْ ذاك الزُّلالِ بعَلّةٍ

وتنْعَمَ في تِلْك الظِّلالِ بتَعْريسِ

حبَسْتُ بِها ركْبي فُواقاً وإنّما

عقَدْتُ على قلْبي لَها عقْدَ تَحْبيسِ

لقَد رسَخَتْ آيُ الجَوى في جَوانِحي

كَما رسَخَ الإنْجيلُ في قلْبِ قِسّيسِ

بمَيْدانِ جَفْني للسّهادِ كَتيبةٌ

تُغيرُ على سرْحِ الكَرى في كَراديسِ

وما بِي إلاّ نَفْحَةٌ حاجِريّةٌ

سرَتْ والدُجَى ما بيْنَ وهْنٍ وتَغْليسِ

ألا نفَسٌ يا رِيحُ منْ جانِبِ الحِمَى

ينفِّسُ منْ نارِ الجَوى بعْضَ تنْفيسِ

ويا قَلْبُ لا تُلْقِ السّلاحَ فربّما

تعذّرَ في الدّهْرِ اطِّرادُ المَقاييسِ

وقدْ تُعْتِبُ الأيّامُ بعْدَ عِتابِها

وقدْ يُعْقِبُ اللهُ النّعيمَ منَ البؤسِ

ولا تخْشَ لُجّ الدّمْعِ يا خَطْرَةَ الكَرى

على الجَفْنِ بلْ قِيسي علَى صرْحِ بِلْقيسِ

تقولُ سُليْمَى ما لجِسْمِكَ شاحِباً

مَقالَةَ تأنيبٍ يُشابُ بتأنِيسِ

وقدْ كُنْتَ تعْطو كلّما هبّتِ الصَّبا

برَيّانَ في ماءِ الشّبيبَةِ مغْموسِ

ومَنْ رابَحَ الأيّامَ يا ابْنَةَ عامِرِ

بجَوْبِ الفَلا راحَتْ يَداهُ بتَفْليسِ

فلا تحْسَبي والصِّدْقُ خيْرُ سجيّةٍ

ظُهورَ النّوَى إلا بُطونَ النّواوِيسِ

وَقَفْراءَ أمّا ركْبُها فمُضَلّلٌ

ومرْبَعُها منْ آنِسٍ غيْرِ مأنوسِ

خبَطْنا بِها منْ هضْبَةٍ لقَرارةٍ

ضَلالاً ومِلْنا منْ كِناسٍ الى خِيسِ

إذا ما نهَضْنا عنْ مَقيلِ غَزالةٍ

نَزَلْنا فعرّسْنا بساحَةِ عِرِّيسِ

أدَرْنا بِها كأساً دِهاقاً منَ السُّرَى

أمِلْنا بِها عنْدَ الصّباحِ منَ الرّوسِ

وحانَةِ خمّارٍ هَدانا لقَصْدِها

شَميمُ الحُمَيّا واصْطِكاكُ النّواقِيسِ

تطلّعَ ربّانِيُّها منْ جِدارِهِ

يُهَيْنِمُ في جُنْحِ الظّلامِ بتَقْديسِ

بكَرْنا وقُلْنا إذْ نزَلْنا بحانِهِ

عنِ الصّافِناتِ الجُرْدِ والضُّمرِ العِيسِ

أيا عابِدَ النّاسوت إنّا عِصابةً

أتَيْنا لتَثْليثِ بَلَى ولتَسْديسِ

وما قصْدُنا إلاّ المُقامُ بحانَةٍ

مَحاريبُ شتّى لاخْتِلاف النّواميسِ

بَدَرْنا لَها طينَ الخِتامِ بسَجْدَةٍ

أرَدْنا بِها تجْديدَ حسْرَةِ إبْليسِ

ودارَ العَذارَى بالمُدامِ كأنّها

قَطاً تَتهادَى في رِياشِ الطّواوِيسِ

وصارَفْنا فِيها نُضاراً بمِثْلِه

كأنّا ملأنا الكأسَ ليْلاً من الكِيسِ

وقُمْنا نَشاوَى عندَما متَعَ الضّحَى

كما نهَضَتْ غُلْبُ الأسودِ منَ الخِيسِ

فقالَ لَبِئْسَ المُسلِمونَ ضُيوفُنا

أمَا وأبيكَ الحَبْرِ ما نحْنُ بالبِيسِ

وهلْ في بَني مثْواكَ إلا مُبرِّزٌ

بحَلْبَةِ شُورَى أو بحَلْقَةِ تدْريسِ

إذا هزّ عسّالَ البَراعةِ فاتِكاً

أسالَ نَجيعَ الحِبْرِ فوقَ القَراطيسِ

يُقلِّبُ تحْتَ النّقْعِ مُقلَةَ ضاحِكٍ

إذا التَفَتَ الأبْطالُ عنْ مُقَلٍ شُوسِ

سَبَيْنا عُقارَ الرّومِ في عُقْرِ دارِها

بحيلَةِ تمْويهٍ وخدْعَةِ تدْليسِ

لَئِنْ أنْكَرَتْ شَكْلي ففضْليَ واضِحٌ

وهلْ جائِزٌ في العقْلِ إنْكارُ محْسوسِ

رسَتْ بأقْصَى الغرْبِ ذُخْرَ مَضنّةٍ

وكمْ دُرّةٍ علْياءَ في قاعِ قاموسِ

وأغْرَيْتُ سوسِي بالعُذَيْبِ وبارِقٍ

على وطَنٍ داني الجِوارِ منَ السّوسِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات