عجبت لإنسان يراحم رحمانا

ديوان محيي الدين بن عربي

عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً

فأوسعُ أهل الأرضِ رُوحاً وريحانا

فقام له الإيمان بالغيبِ ناصحاً

فأرسلَ دَمعَ العينِ للغيب طوفانا

فعارضه علمُ الحقائقِِ مُفصحاً

بصورةِ من سوَّاه أصبحَ رحمانا

وأنزله في الأرض وَجهاً خليفةً

على الملأ الأعلى وسمَّاه إنسانا

فلم يك هذا منه دعوى أتى بها

ولكنه بالحال كوَّن محانا

وشرفه بالشحِّ إذْ كانَ مانعاً

فكان النقصانُ فضلاً ما وإحسانا

فلو لم يكن في الكونِ نقصٌ محققٌ

لكانَ أخيّ النقصِ يخسر ميزانا

ولم يك مخلوقاً على الصورة التي

أقام بها عند التنازع برهانا

فمن كان بالنقصانِ أصلُ كماله

فلا بد أن يعطيك رِبحاً وخُسرانا

إذا كان بالنقصانِ عينُ كماله

فأصبحَ كالميزان بالحمدِ ملآنا

فإن عموم الحمدِ ليس كبيرة

من أذكاره في كلِّ شيءٍ وإن هانا

فما هان في الأذكار إلا لعزَّة

يميل بها عنهم مكاناً وإمكانا

وآخرُ دعوانا أنِ الحمد فاستمع

وما ثَمَّ قولٌ بعدَ آخرِ دَعوانا

إذا جاءتِ الأذكارُ للعدلِ تبتغي

مفاضلةً يأتين رَجلاً ورُكبانا

فيظهر فضلُ الحمد إذ كنَّ سوقة

وكان وجودُ الحمد فيهنَّ سُلطانا

تأمل فإني أعلمُ الخلقِِ بالذي

أتيت به علماً صحيحاً وإيمانا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات