عانده في الحب أعوانه

ديوان صفي الدين الحلي

عانَدَهُ في الحُبَ أَعوانُه

وَخانَهُ في الرَدِّ إِخوانُه

مُتَيَّمٌ لَيسَ لَهُ ناصِرٌ

أَوَّلُ مَن عاداهُ سُلوانُه

يَكتِمُ ما كابَدَهُ قَلبُه

وَيُعجِزُ الأَعيُنَ كِتمانُه

ما شانَهُ إِلّا مَقالُ العِدى

وَقَد هَمَت عَيناهُ ما شانُه

كُلِّفَ إِخفاءَ الهَوى قَلبُهُ

فَعَزَّ مِن ذَلِكَ إِمكانُه

أَمانَةٌ يُشفِقُ مِن حَملِها

لِفَرطِ ذاكَ الثِقلِ إِنسانُه

مَن لِمُحِبٍّ قَلبُهُ هائِمٌ

يَحِنُّ وَالأَحبابُ جيرانُه

ما شامَ بَرقَ الشامِ إِلّا هَمَت

بِوابِلِ الأَدمُعِ أَجفانُه

سَقى حِمى وادي حَماةَ الحَيا

وَصَيَّبُ الوَدقِ وَهَتّانُه

وَحَبَّذا العاصي وَيا حَبَّذا

دَهشَتُهُ الغَرّا وَمَيدانُه

وادٍ إِذا مَرَّ نَسيمٌ بِهِ

تَعَطَّرَت بِالمِسكِ أَردانُه

تَستَأسِرُ الأَبطالَ آرامُه

وَتَقنِصُ الآسادَ غِزلانُه

كَم فيهِ مِن ظَبيٍ هَضيمِ الحَشا

إِذا اِنثَنى يَحسُدُهُ بانُه

تَشابَهَت عِندَ مُرورِ الصَبا

قُدودُ أَهليهِ وَأَغصانُه

كَم لَيلَةٍ قَضيتُ في مَرجِهِ

وَقَد طَمَت بِالماءِ غُدرانُه

وَالأُفقُ حالٍ بِنُجومِ الدُجى

قَد كُلِّلَت بِالدُرِّ تيجانُه

كَأَنَّما الجَوزاءُ فيهِ وَقَد

حَفَّ بِها البَدرُ وَكيوانُه

بَيتُ بَني أَيّوبَ إِذ شُيَّدَت

بِالمَلِكِ الناصِرِ أَركانُه

بَيتٌ أَثيلٌ بَحرُهُ وافِرٌ

قَد سَلِمَت في المَجدِ أَوزانُه

لا غَروَ إِن أَمسى مَشيداً وَقَد

أُسِّسَ بِالمَعروفِ بُنيانُه

شَيَّدَهُ الناصِرُ مِن بَعدِ ما

قَد كادَ أَن يَنزَغَ شَيطانُه

مَلكٌ كَأَنَّ الدَهرَ عَبدٌ لَهُ

وَسائِرُ الأَيّامِ أَعوانُه

وَفى لَهُم في قَولِهِ وَالوَفا

قَد بَلِيَت في اللَحدِ أَكفانُه

لا زالَ يُحيِي بِنَداهُ الوَرى

وَيُغرِقُ العالَمَ طَوفانُه

يا أَيُّها المَلكُ الَّذي سُرُّهُ

طاعَةُ ذي الأَمرِ وَإِعلانُه

تَهِنَّ بِالمُلكِ الَّذي لَم تَكُن

تُلقى إِلى غَيرِكَ أَرسانُه

طَلائِعُ الإِقبالِ جاءَت وَذا

مُقتَبَلُ العُمرِ وَرَيعانُه

هَذا كِتابٌ ناطِقٌ بِالعُلى

وَهَذِهِ الرُتبَةُ عُنوانُه

فَاِفخَر فَما فَخرُكَ بَدعاً وَقَد

قامَ لِأَهلِ العَصرِ بُرهانُه

يَفخَرُ ذو المُلكِ إِذا ما بَدا

لَهُ مِنَ السُلطانِ إِحسانُه

فَكَيفَ مَن والِدُهُ قَد قَضى

فَأَصبَحَ الوالِدَ سُلطانُه

زَكّاكُمُ قُربانُ إيمانِكُم

بِهِ وَزَكّى الغَيرَ إيمانُه

مَن يَكُ إِسماعيلُ أَصلاً لَهُ

لا بِدعَ أَن يُقبَلَ قُربانُه

أَبٌ بِهِ تُرفَعُ عَن مَجدِكُم

قَواعِدُ البَيتِ وَأَركانُه

أَبلَجُ لا يَخسَرُ مَن أَمَّهُ

يَوماً وَلا يَخسَرُ ميزانُه

تَكادُ أَن تَعشو إِلى ضَيفِهِ

لِفَرطِ ما تَهواهُ نيرانُه

إِن ذُكِرَ العِلمُ فَنُعمانُهُ

أَو ذُكِرَ الحُكمُ فَلُقمانُه

أَحزَنَنا فُقدانُهُ فَاِنجَلَت

بِالمَلِكِ الأَفضَلِ أَحزانُه

سَلامُ ذي العَرشِ عَلى نَفسِهِ

وَرَحمَةُ اللَهِ وَرِضوانُه

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان صفي الدين الحلي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات