عاش وصلا وغيره مات صدا

ديوان ابن نباتة المصري

عاش وصلاً وغيره مات صدّا

مستهامٌ لسلوةِ ما تصدَّى

بأبي زائرٌ وقد شرعَ الإص

باحُ يطوي من الدجنة برْدا

ونسيم الصّبا على الأفقِ يُذكي

سحراً من مجامر الزهرِ ندَّا

يا رعى الله سفحَ نعمانَ سفحاً

وسقى الله عهد نعمان عهدا

ومهاة تعدّ نعمان داراً

واللوى والعقيقَ صدغاً وخدَّا

مشتهاة اللقا كما تشتهى الدن

يا وإن أتعب النفوس وأكدى

يتثنى الأراكُ زهراً فينبي

إنَّ في ثغرها مداماً وشهدا

ومن الجوهر الصغير يتيماً

لم يدع للهوى لرائيه رشدا

ما علمنا من قبله في تصاني

ف الهوى إنَّ لابن بسَّام عقدا

كيراعِ الوزيرِ جوداً وبأساً

حين تذكو في الحالتين وتندى

الوزير الذي نهى الخطب عنا

فتعدَّى عنا ولم يتعدى

يتقي جانب التقيّ وتخشى الإن

سُ والجن من سليمان حدا

أوفر العالمين عزًّا وعزماً

وهو أوفى العباد نسكاً وزهدا

طالع يجتلي به الملكُ بدراً

ووقور يحبه الملك أُحدا

ومهيبٌ لو يلمح الدّمَ لم يخ

رج من العرق حين يفصد فصدا

وحليمٌ قد راقه الحلم حتى

كاد مخطي الذنوب يذنب عمدا

وجواد لو رام فيض الغوادي

أن يحاكيه عُدّ ذلك فردا

ورئيس كما تريد المعالي

لا كمن آده المسيرُ فردَّا

وبليغ تنضد المدح فيه

وهو أبهى منه وأنضر نهدا

يرتجى سيبه ويخشى ذكاه

فيرجى نقداً ويحذَرُ نقدا

خطبته وزارةٌ وجدته

في اكتساب العلى أجدَّ وأجدى

ورأت صَلْصَلاً بفضل علاه

شهدت في الورى صحابٌ وأعدا

ولعمري لقد دعته وزيراً

منتهى معشرٍ لعلياهُ مبدا

فكفى الجانبين مصراً وشاماً

وأفاض العينينِ عدلاً ورِفدا

ومشى في الورى على نهج حقٍّ

مستبين الهدى وساد وأسدى

وارتدى فيهم رداءً من الع

زِّ وأما حسودُه فترَدَّى

أيها الحاسد المعذب فيه

جئت شيئاً من الشقاوَة إدَّا

كيف ناوَيت سيداً كلما زا

دَ عِداةً يزيده الله مجدا

إن يكن في العفاة ابسط كفًّا

فهو في المكرماتِ أبسط زندا

خاف خلاَّقه فخيف إلى أن

ضمَّ من عدلهِ ظباءً وأسدا

وأبادَ الطغاةَ بأساً ورعباً

وأعاد الجميل فينا وأبدَى

واحداً في مراتبِ الفضلِ تلقى

حول أبوبهِ من الخلقِ جندا

يرحم الجمع دون مغناه جمعاً

مستميراً ويتبع الرفد رفدا

ما ثنى الجاهَ عن ذليلٍ ولا أع

طى لذي حاجةٍ عطاء وأكدى

مسعد الرأيِ ذابحٌ للأعادِي

فهو مهما خبرتهُ كانَ سعدا

ليس فيه عيبٌ يعدُّ سوى أنَّ

أياديهِ تجعلُ الحرَّ عبدا

يمَّم الشام بعد إقتار وقت

لم تجد فيه للمناجح قصدا

كم بعثنا إلى الدواوين طرساً

خائباً كاده الزمان فكدا

طال تردَادُهُ إلى القومِ حتَّى

لو بعثناه وحدَه لَتَهدَّى

فغدا الآنَ ذلك العسرُ يسراً

بحقيقٍ وذلكَ المنعُ رِفدا

وسرى المال من شآمٍ ومصرٍ

كعمومِ السحابِ قرباً وبعدا

عزماتُ تحفها بركاتٌ

مثلها منه للممالكِ تهدى

ويراعٌ من حدِّه ونداه

كادَ بينَ السيوف أن يتحدَّى

قلمٌ أخضرُ المرابع لا غرْ

وَ إذا كانَ عيش راجيه رغدا

حملته أيدي الوزير فخلنا

بارِقاً في سحابةٍ قد تبدَّى

يا وزيراً يهدي الثناءَ سناه

ولهاه إلى المقاصدِ تهدى

شكرَتك الرُّواةُ عنِّي بعزِّ

قاطعات السرى آكاماً ووهدا

ذاكراتٌ جميلَ صنعك عندِي

بقوافٍ بها الركائب تحدى

سائرات في الأفقِ بين الجواري

والجواري في حسنها كالعبدا

كلُّ معنًى كالنجمِ أو كلّ بيتٍ

هو أهدى في الأفقِ من أن يهدى

هاكها تخلد الثنا بمعانٍ

تتركُ الضدّ بالأشعَّة خلدا

هكذا ينبتُ الصنيعُ نباتاً

وكذا تحصد المعادي حصدا

عشْ بظلِّ الحبا وأنت المرجى

وتبيدُ العدى وأنت المفدَّى

ملئَ البيتُ من يديك نوالاً

فملأنا أبيات مدحك حمدا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات