عاد للصب شجوه واكتئابه

ديوان البحتري

عادَ لِلصَبِّ شَجوُهُ وَاِكتِئابُه

بِبِعادِ الَّذي يُرادُ اقتِرابُه

رَشَأُ ما دَنَت بِهِ الدارُ إِلّا

رَجَعَ البُعدَ صَدُّهُ وَاِجتِنابُه

كَم غَرامٍ لَنا بِأَلحاظِ عَينَيـ

ـهِ شَهِيٍّ إِلى النُفوسِ عَذابُه

وَسُرورٍ بِمَشهَدٍ مِنهُ وَالتُف

فاحُ خَدّاهُ وَالمُدامُ رُضابُه

كِدنَ يَنهَبنَهُ العُيونِ سِراعاً

فيهِ لَو أَمكَنَ العُيونَ اِنتِهابُه

هُبِلَ الغانِياتُ كَم يَتَقاضى

دَينَهُ مُعلَقُ الفُؤادِ مُصابُه

كانَ خُلفاً ما قَد وَعَدنَ وَإِن طا

لَ بِذي الوَجدِ مَكثُهُ وَاِرتِقابُه

قُلنَ أَينَ الشَبابُ في عَقَبِ فَوتٍ

مِنهُ قَولاً أَعيا عَلَيَّ جَوابُه

وَيَموتُ الفَتى وَإِن كانَ حَيّاً

حينَ يَستَكمِلُ النَفادَ شَبابُه

ما نُبالي يَدُ الوَزيرِ اِستَهَلَّت

أَم رَأَيتَ العَقيقَ سالَت شِعابُه

وَسَواءٌ مَقاوِمُ الحِلمِ مِنهُ

وَرِعانُ الرَيّانِ أَرسَت هِضابُه

قائِدُ الخَيلِ مُستَقِلٌ عَلَيها

أَجَمُ الخَطِّ في الحَديدِ وِغابُه

وَوَلِيُّ التَدبيرِ لَيسَ بِبِدعٍ

عَجَبٍ أَن يُبِرَّ فيهِ صَوابُه

بَينَ حَقٍّ يَنوبُهُ يَصرِفُ الرَغـ

ـبَ إِلَيهِ أَو مُعتَفٍ يَنتابُه

ظَلَّ إِدمانُهُ التَطَوُّلَ يُعليـ

ـهِ وَقَومٌ يَحُطُّهُم إِغبابُه

مُبدِئُ الفِعلِ إِن تَبايَنَتِ الأَفـ

ـعالُ بانَ اِقتِرابُهُ وَاِغتِرابُه

وَالمَواعيدُ يَندَفِعنَ عَلى عا

جِلِ نُجحٍ وَشيكَةٍ أَسبابُه

مِثلَ ما اِهتَزَّتِ العَبورُ فَلَم يُكـ

ـدِ نَشاصُ السَحابِ ثُمَّ رَبابُه

في نِظامٍ مِنَ المَحاسِنِ مازا

لَت تُضاهي أَخلاقَهُ آدابُه

وَتَلالي وَجهٍ إِذا لاحَ لِلطا

لِبِ أَمسى مَبلوغَةً أَرابُه

سَومَ بَدرِ السَماءِ وَفَّت سَناهُ

فَرجَةُ الغَيمِ دونَهُ وَاِنجِيابُه

وَمَهيبٌ عِندَ المُناجينَ لَولا

كَرَمُ الأُنسِ كانَ هَولاً خِطابُه

لا يَزَل يُفتَدى بِأَنفُسِ قَومٍ

نَقِيَت مِن عُيوبِهِم أَثوابُه

عَجَباً مِنهُ ما اِنطَوى سَيبُهُ عَنـ

ـنا بِعَوقٍ إِذا طَواهُ حِجابُه

لَم يَكُن نَيلُهُ الجَزيلُ وَقَد رُمنا

هُ صَعباً فَكَيفَ يَصعُبُ بابُه

خابَ مَن غابَ عَن طَلاقَةِ وَجهٍ

ضَوَّأَ الحادِثَ المُضِبَّ شِهابُه

ما رَأَيتُ السُلطانَ مَيَّلَ في أَنـ

ـنَكَ ظُفرُ السُلطانِ أَغنَت وَنابُه

أَتُراكَ الغَداةَ مُطلِقُ رِبقي

مُؤذِنٌ بِالرَحيلِ زُمَّت رِكابُه

صادِرٌ عَن نَدى يَدٍ مِنكَ لا يَنـ

ـصُفُها البَحرُ مَوجُهُ وَعُبابُه

حاجَةٌ لَو أَمَرتَ فيها بِنُجحٍ

قَرُبَ النازِحُ البَعيدُ مَآبُه

لَيسَ يَحلو وُجودُكَ الشَيءَ تَبغيـ

ـهِ اِلتِماساً حَتّى يَعِزَّ طِلابُه

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات