ظمائي إلى من لو أراد سقاني

ديوان الشريف الرضي

ظَمائي إِلى مَن لَو أَرادَ سَقاني


وَديني عَلى مَن لَو يَشاءُ قَضاني


وَلَو كانَ عِندي مُعسِراً لَعَذَرتُهُ


وَلَكِنَّهُ وَهوَ المَليءُ لَواني


رَمى مَقتَلي وَاِستَرجَعَ السَهمَ دامِياً


غَزالٌ بِنَجلاوَينِ تَنتَضِلانِ


أَأَرجو شِفاءً مِنهُ وَهوَ الَّذي جَنى


عَلى بَدَني داءَ الضَنى وَشَجاني


أَبيتُ فَلَم أَستَسقِ مَن كانَ غُلَّتي


وَلَم أَستَرِش مَن كانَ قَبلُ بَراني


مَرَرتُ عَلى تِلكَ الدِيارِ وَوَحشُها


دَوانٍ وَمَن يَحكينَ غَيرُ دَواني


فَأَنكَرَتِ العَينانِ وَالقَلبُ عارِف


قَليلاً وَلَجّا بَعدُ في الهَمَلانِ


عَشِيَّةَ بَلَّتني الدُموعُ كَأَنَّما


رِداوايَ بُردا ماتِحٍ خَضِلانِ


ضَمِنَّ وِصالي ثُمَّ ما طَلنَ دونَهُ


وَإِنَّ ضَمانَ البيضِ شَرُّ ضَمانِ


أَمِنكِ طُروقُ الزَورِ أَيَّةُ ساعَةٍ


وَعيدُ خَيالٍ عادَ أَيَّ أَوانِ


أَلَمَّ بِعوجٍ كَالحَنايا مُناخَةٍ


عَلى جِزعِ وادٍ ذي رُبىً وَمَجاني


وَمَيلٍ كَخيطانِ الأَراكِ تَرَنَّحوا


فَمِن ذَقَنٍ مُستَقبَلٍ بِلِسانِ


وَمالوا عَلى البَوغاءِ مِن كُلِّ جانِبٍ


عَواطِفَ أَيدي تَوأَمٍ وَثَوانِ


يَقودُهُمُ مِنّي غُلامٌ غَشَمشَمٌ


مُعينٌ عَلى البَأساءِ غَيرُ مُعانِ


إِذا اِنفَرَجَت مِنهُ السُجوفُ لِناظِرٍ


تَأَلَّقَ نورٌ مِن أَغَرَّ هِجانِ


وَإِنّي لَآوي مِن أَعَزِّ قَبيلَةٍ


إِلى نَضَدٍ أَو جامِلٍ عَكِنانِ


وَإِنَّ قُعودي أَرقُبُ اليَومَ أَو غَداً


لَعَجزٌ فَما الإِبطاءُ بِالنَهَضانِ


سَأَترُكُ في سَمعِ الزَمانِ دَوِيَّها


بِقَرعي ضِرابٍ صادِقٍ وَطِعانِ


وَأَخصِفُ أَخفافاً بِوَقعِ حَوافِرٍ


إِلى غايَةٍ تَقضي مُنىً وَأَماني


فَإِن أَسرِ فَالعَلياءُ هَمّي وَإِن أُقِم


فَإِنّي عَلى بِكرِ المَكارِمِ باني


وَإِن أَمضِ أَترُك كُلَّ حَيٍّ مِنَ العِدا


يَقولُ أَلا لِلَّهِ نَفسُ فُلانِ


أُكَرِّرُ في الإِخوانِ عَيناً صَحيحَةً


عَلى أَعيُنٍ مَرضى مِنَ الشَنَآنِ


فَلَولا أَبو إِسحَقَ قَلَّ تَشَبُّثي


بِخِلٍّ وَضَربي عِندَهُ بِجِرانِ


هُوَ اللافِتي عَن ذا الزَمانِ وَأَهلِهِ


بِشيمَةِ لا وانٍ وَلا مُتَوانِ


إِخاءٌ تَساوى فيهِ أُنساً وَأُلفَةً


رَضيعُ صَفاءٍ أَو رَضيعُ لِبانِ


تَمازَجَ قَلبانا مِزاجَ أُخُوَّةٍ


وَكُلُّ طَلوبَي غايَةٍ أَخَوانِ


وَغَيرُكَ يَنبو عَنهُ طَرفي مُجانِباً


وَإِن كانَ مِنّي الأَقرَبَ المُتَداني


وَرُبَّ قَريبٍ بِالعَداوَةِ شاحِطٍ


وَرُبَّ بَعيدٍ بِالمَوَدَّةِ داني


لَئِن رامَ قَبضاً مِن بَنانِكَ حادِثٌ


لَقَد عاضَنا مِنكَ اِنبِساطُ جَنانِ


وَإِن بُزَّ مِن ذاكَ الجَناحِ مُطارُهُ


فَرُبَّ مَقالٍ مِنكَ ذي طَيَرانِ


وَإِن أَقعَدَتكَ النائِباتُ فَطالَما


سَرى موقَراً مِن مَجدِكَ المَلَوانِ


وَإِن هَدَمَت مِنكَ الخُطوبُ بِمَرِّها


فَشَمَّ لِسانٌ لِلمَناقِبِ باني


مَآثِرُ تَبقى ما رَأى الشَمسَ ناظِرٌ


وَما سَمِعَت مِن سامِعٍ أُذُنانِ


وَمَوسومَةٍ مَقطوعَةِ العُقلِ لَم تَزَل


شَوارِدَ قَد بالَغنَ في الجَوَلانِ


وَما زَلَّ مِنكَ الرَأيُ وَالحَزمُ وَالحِجى


فَنَأسى إِذا مازَلَّتِ القَدَمانِ


وَلَو أَنَّ لي يَوماً عَلى الدَهرِ إِمرَةً


وَكانَ لِيَ العَدوى عَلى الحَدَثانِ


خَلَعتُ عَلى عِطفَيكَ بُردَ شَبيبَتي


جَواداً بِعُمري وَاِقتِبالِ زَماني


وَحَمَّلتُ ثِقلَ الشَيبِ عَنكَ مَفارِقي


وَإِن فَلَّ مِن غَربي وَغَضَّ عِناني


وَنابَت طَويلاً عَنكَ في كُلِّ عارِضٍ


بِخَطٍّ وَخَطوٍ أَخمَصي وَبَناني


عَلى أَنَّهُ ما اِنفَلَّ مَن كانَ دونَهُ


حَميمٌ يُرامي عَن يَدٍ وَلِسانِ


وَما كُلُّ مَن لَم يُعطِ نَهضاً بِعاجِزٍ


وَلا كُلُّ لَيثٍ خادِرٍ بِجَبانِ


وَإِنَّكَ ما اِستَرعَيتَ مِنّي سِوى فَتىً


ضَمومٍ عَلى رَعيِ الأَمانَةِ حانِ


حَفيظٍ إِذا ما ضَيَّعَ المَرءَ قَومُهُ


وَفِيٍّ إِذا ما خُوِّنَ العَضُدانِ


مِنَ اللَهِ أَستَهدي بَقاءَكَ أَن تُرى


مُحَلّاً لِأَسبابِ العُلى بِمَكانِ


وَأَسأَلُهُ أَن لا تَزالَ مُخَلَّداً


بِمَلقى سَماعٍ بَينَنا وَعِيانِ


إِذا ما رَعاكَ اللَهُ يَوماً فَقَد قَضى


مَآرِبَ قَلبي كُلَّها وَرَعاني

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات