طربت وما هذا الصبا والتكالف

ديوان جرير

طَرِبتَ وَما هَذا الصِبا وَالتَكالُفُ

وَهَل لِمَهوى إِذ راعَهُ البَينُ صارِفُ

طَرِبتَ بِأَبرادٍ وَذَكَّرَكَ الهَوى

عِراقِيَّةٌ ذِكرٌ لِقَلبِكَ شاعِفُ

تَعُلُّ ذَكِيَّ المِسكِ وَحفاً كَأَنَّهُ

عَناقيدُ ميلٌ لَم يَنَلهُنَّ قاطِفُ

وَأَحذَرُ يَومَ البَينِ أَن يُعرَفَ الهَوى

وَتُبدي الَّذي تُخفي العُيونُ الذَوارِفُ

إِذا قيلَ هَذا البَينُ راجَعتُ عَبرَةً

لَها بِجِرِبّانِ البَنيقَةِ واكِفُ

يَقولُ بِنَعفِ الأَخرَبِيَّةِ صاحِبي

مَتى يَرعَوي غَربُ النَوى المُتَقاذِفُ

وَإِنّي وَإِن كانَت إِلى الشامِ نِيَّتي

يَماني الهَوى أَهلَ المَجازَةِ آلِفُ

وَإِنَّ الَّذي بُلِّغتِ رَقّاهُ نِسوَةٌ

نَفِسنَ عَلَيكِ الحُسنَ سودٌ زَحالِفُ

وَتُرمى فَتُشويها الرُماةُ وَقَتَّلَت

قُلوباً بِنَبلٍ لَم تَشِنها المَراصِفُ

صَرَمتُ اللَواتي كُنَّ يَقتَدنَ ذا الهَوى

شَبيهٌ بِهِنَّ الرَبرَبُ المُتَآلِفُ

طَلَبنا أَميرَ المُؤمِنينَ وَدونَهُ

تَنائِفُ غُبرٌ واصَلَتها تَنائِفُ

بِمائِرَةِ الأَعضادِ إِمّا لِشَدقَمٍ

وَإِمّا بَناتُ الداعِرِيِّ العَلائِفُ

يَخِدنَ بِنا وَخداً وَقَد خَضَبَ الحَصى

مَناسِمُ أَيدي اليَعمَلاتِ الرَواعِفُ

بَلَغنا أَميرَ المُؤمِنينَ وَلَم يَزَل

عَلى عِلَّةٍ فيهِنَّ رَحلٌ وَرادِفُ

وَيَرجوكَ مَن لَم تَستَطِعكَ رِكابُهُ

وَيَرجوكَ ذو حَقٍّ بِبابِكَ ضائِفُ

وَإِنّي لِنُعماكَ الَّتي قَد تَظاهَرَت

وَفَضلِكَ يا خَيرَ البَرِيَّةِ عارِفُ

فَلا الجَهدُ ما عاشَ الخَليفَةُ مُرهِقي

وَلا أَنا لي عِندَ الخَليفَةِ كاسِفُ

إِذا قيلَ شَكوى بِالإِمامِ تَصَدَّعَت

عَلَيهِ مِنَ الخَوفِ القُلوبُ الرَواجِفُ

أَتانا حَديثٌ كانَ لا صَبرَ بَعدَهُ

أَتَت كُلَّ حَيٍّ قَبلَ ذاكَ المَتالِفُ

فَلَمّا دَعَونا لِلخَليفَةِ رَبَّنا

وَكانَ الحَيا تُزجى إِلَيهِ الضَعائِفُ

أَتَتنا لَكَ البُشرى فَقَرَّت عُيونُنا

وَدارَت عَلى أَهلِ النِفاقِ المَخاوِفُ

فَأَنتَ لِرَبِّ العالَمينَ خَليفَةٌ

وَلِيٌّ لِعَهدِ اللَهِ بِالحَقِّ عارِفُ

هَداكَ الَّذي يَهدي الخَلائِفَ لِلتُقى

وَأُعطيتَ نَصراً لَم تَنَلهُ الخَلائِفُ

وَأَدَّت إِلَيكَ الهِندُ ما في حُصونِها

وَمِن أَرضِ صينِ اِستانُ تُجبى الطَرائِفُ

وَأَرضَ هِرَقلَ قَد قَهَرتَ وَداهِراً

وَتَسعى لَكُم مِن آلِ كِسرى النَواصِفُ

وَذَلِكَ مِن فَضلِ الَّذي جَمَّعَت لَهُ

صُفوفُ المُصَلّى وَالهَدِيُّ العَواكِفُ

وَنازَعتَ أَقواماً فَلَمّا قَهَرتَهُم

وَأُعطيتَ نَصراً عادَ مِنكَ العَواطِفُ

لَقَد وَجَدوا مِنكُم حِبالاً مَتينَةً

فَذَلّوا وَلانَت لِلقِيادِ السَوالِفُ

وَأَنتَ اِبنُ عيصِ الأَبطَحَينِ وَتَنتَمي

لِفَرعٍ صَميمٍ لَم تَنَلهُ الزَعانِفُ

نَمَتكَ إِلى العُليا فَوارِسُ داحِسٍ

وَصيدُ مَنافٍ المُقرَماتُ المَطارِفُ

لَهُ باذِخاتٌ مِن لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ

يُقَصِّرُ عَنها المُدَّعي وَالمُخالِفُ

نَجيبٌ أَريبٌ كانَ جَدُّكَ مُنجِباً

وَأَدَّت إِلَيكَ المُنجِباتُ العَفائِفُ

وَما زالَ مِن آلِ الوَليدِ مُذَبِّبٌ

أَخو ثِقَةٍ عَن كُلُّ ثَغرٍ يُقاذِفُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جرير، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات