طال ليلي وبات قلبي جناحا

ديوان بشار بن برد

طالَ لَيلي وَباتَ قَلبي جَناحا

وَمَلَلتُ العُذّالَ وَالنُصّاحا

يَأمُرونَ المُحِبَّ بِالصَبرِ عَمَّن

قَد بَرى الحُبُّ جِسمَهُ فَاِستَطاحا

بِئسَ ما يَأمُرونَ مُستَشعِرَ الهَم

مِ يُقاسي مِن عَبدَةَ الأَتراحا

أَيُّها القارِئُ المُذَكِّرُ بِاللَ

هِ تَرى في وِصالِ حِبٍّ جُناحا

قالَ لا بَأسَ بِالحَديثِ إِذا ما

لَم يَزيدا عَلى الحَديثِ جِماحا

أَيُّ خَيرٍ يا عَونُ يَرجو مُحِبُّ

في سَوادِ الفُؤادِ مِنهُ بَراحا

كَيفَ يَرجو سُلُوَّ صَبٍّ حَزينٍ

زادَهُ الحُبُّ حينَ شاعَ اِرتِياحا

إِن تَكُن إِنَّما تَروحُ وَتَغدو

بِاِنتِصاحِ فَما أُريدُ اِنتِصاحا

فَدَع الغَدوَ وَالرَواحَ عَلَينا

ما غَدا حُبُّها عَلَينا وَراحا

قَد كَتَمتُ الهَوى مَلِيّاً فَلَمّا

ضِقتُ ذَرعاً بِحُبِّ عَبدَةَ باحا

لَيتَ شِعري عَن أُمِّ عَمروٍ وَعَمروٌ

لَم يَكُن جاهِلاً وَلا مَزّاحا

أَحَديثٌ مِنها رَماهُ بِطَبٍّ

لَيتَهُ ماتَ قَبلَها فَاِستَراحا

بَل يُرَجّي ما لا يُنالُ وَلَولا

ما يُرَجّي اِكتَسى المُسوحَ وَساحا

أُمَّ عَمروٍ ما زالَ حُبُّكِ يَغتا

لُ عَزائي حَتّى اِفتَضَحتُ اِفتِضاحا

كَيفَ لا تَرحَمينَ شَخصاً مُحِبّاً

مَيِّتاً مِن هَواكِ مَوتاً صُراحا

كانَ يَرعى المِصباحَ حيناً فَلَمّا

ضافَهُ الحُبُّ ضَيَّعَ المِصباحا

إِن تَكوني أَرَدتِ أَن تَفجَعيهِ

بِمُزاحٍ فَقَد قَطَعتِ المُزاحا

واصِلاً لِلحَياةِ مِنها وَإِن عا

شَ وَماتَت بَكى عَلَيها وَناحا

إِن شَهِدَتَ الوَفاةَ يا عَونُ مِنّي

في مَقامٍ وَكُنتَ تَنوي صَلاحا

فَاِدعُ سِربَ المِلاحِ يَشهَدنَ مَوتي

بِحَنوطٍ إِنّي أُحِبُّ المِلاحا

مِن هَوى عَبدَةَ البَخيلَةِ إِنّي

لا أَرى غَيرَها لِقَلبي رَواحا

أَنتَ عَونُ الشَيطانِ إِن لَم تُعِنّي

فَاِرعَ ما قُلتُ تَشفِ مِنّي قِماحا

وَاِدعُ قَومي بِأُمِّ عَمروٍ فَإِنّي

عاقِدٌ حُبَّها عَلَيَّ وِشاحا

مُستَهامُ النَهارِ مُرتَفِقُ اللَي

لِ إِلى أَن أُعايِنَ الإِصباحا

لَم أَزَل مِن هَوى عُبَيدَةَ أَهوى

ما يَليها حَتّى هَويتُ الرِياحا

لَستُ أَنسى غَداةَ قامَت تَهادى

لِلمُصَلّى فَطارَ قَلبي وَطاحا

في نِساءٍ إِذا أَرَدنَ ضِياءً

لِظَلامٍ جَعَلنَها مِصباحا

فَأَضاءَت لَهُنَّ داجِيَةَ اللَي

لِ وَجَلَّت عَمّا تَجِنُّ الوِحاحا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات