صبرت ومثلك لا يجزع

ديوان الشريف المرتضى

صَبرتَ ومثلُك لا يجزعُ

وناءَ بها صدرُك الأوسعُ

وعزّيتَ نفسَك لمّا علم

تَ أنّ العزاءَ لها أنفعُ

وداويتَ داءَك لمّا رأيتَ

دواءَ طبيبك لا ينجعُ

ولمّا بُخِسْتَ بضيمِ الزّمانِ

قنِعْتَ وإنْ كنتَ لا تقنعُ

وقلتَ لعْينيك لا تدمعِي

فَلا العينُ تهمِي ولا تدمعُ

ولم تشكُ ما دفنتْهُ الضّلوعُ

وفي حشوها المؤلمُ الموجِعُ

فإنْ تكُ شنعاءَ جاء الزّمانُ

بِها فَالتّشكِّي لَها أشنعُ

وَما إنْ يفيدُ سوى الشّامتي

نَ أن يشكوَ الرّجلُ الموجَعُ

ولمّا نهضتَ بدفعِ الخطوبِ

رضيتَ بما لم يكن يُدفَعُ

وَقِدْماً عَهِدناكَ ثَبْتَ المَقامِ

وإنْ هبّتْ العاصف الزّعزعُ

وَلِمْ لا وأنتَ اِمرؤٌ في الصِّعابِ

إِلى رَأيهِ أبداً نَرْجعُ

وقد علمتْ سَوْرَةُ الحادثا

تِ أنّ صَفاتَكَ لا تُصدَعُ

وأنّ جَميمَكَ لا يُخْتَلى

وأنّ قِلالك لا تُفرَعُ

وإنْ فَنِيَتْ في الرّجالِ الحلو

مُ كان إلى حلمك المَفْزَعُ

هو الدّهرُ ينقضُ ما يبتنيهِ

جهاراً ويحصد ما يَزرعُ

فإنْ يَشفِنا فبطولِ السَّقامِ

وإن يعطنا فبما يمنعُ

وَنَحنُ بَنو الأرض تَغتالُنا

وتأكلنا ثمّ لا تشبعُ

فدارٌ تغصُّ بسكّانها

وَدارٌ لنا مثلُها بَلْقَعُ

وَآتٍ يَجيءُ وَلَم ندعُهُ

وماضٍ يمرُّ ولا يرجِعُ

وإنِّيَ منكَ مهما يُصِبْكَ

يُصِبْنِي وفي مَرْوَتِي يقرعُ

وكيف يُمَيَّزُ ما بيننا

ويجمعنا الحسبُ الأجمعُ

وَيَرفَعُنا فَوق هامِ الرّجالِ

عَرينٌ لنا دونهمْ مُسبِعُ

وَإِنّا اِلتفَفنا بسِنْخِ الرّسولِ

فتطلُعُ منه كَما أطلُعُ

فكم ذا لنا خاطبٌ مِصقَعٌ

وكم ذا لنا عالمٌ مُقنِعُ

ولمّا كرعتُك دون الأنامِ

رَوِيتُ وطاب لِيَ المَكْرَعُ

وفقدُ النّساءِ كفقدِ الرّجال

يحزّ إذا حزّ أو يقطعُ

وأخطأَ مَن قال إنّ النّسا

ءَ أَهلونَ لِلفقد أَو موضعُ

فلا زال ما بيننا كالرّيا

ضِ جادتْ له سُحُبٌ هُمَّعُ

ولا ساءَني فيك مرّ الزّما

نِ مرأىً ولا رابنِي مَسمَعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات