صبا شوقاً فحن إلى الديار

صبا شوقاً فحن إلى الديار - عالم الأدب

صَبا شَوقاً فَحَنَّ إِلى الدِيارِ

وَنازَعَهُ الهَوى ثَوبَ الوَقارِ

وَهاجَ لَهُ الغَرامَ غِناءُ وُرقٍ

هَواتِفُ في غُصونٍ مِن نُضارِ

صَدَحنَ غُدَيَّةً فَتَرَكنَ قَلبي

وَكانَ الطَود كَالشَيءِ الضِمارِ

رُوَيداً يا حمامُ بِمُستَهامٍ

مَشُوقٍ مَنَّهُ طولُ السفارِ

بَراهُ الشَوقُ بَري القِدحِ جِدّاً

فَغادَرَهُ بِقَلبٍ مُستَطارِ

فَوا عَجَباً لَكُنَّ تَنُحنَ خَوفَ ال

فراق وَما بَدَت خَيلُ المِعارِ

وَلَم تُصدَع لَكُنَّ عَصاً بِبَينٍ

وَلَم تَعبَث لَكُنَّ نَوىً بِعارِ

وَأَنتُنَّ النَواعِمُ بَينَ بانٍ

وَخَيريٍّ يَرِفُّ وَجُلَّنارِ

وَبَينَ بَنَفسَجٍ يَزدادُ حُسناً

كَلَونِ القَرصِ في وُجنِ الجَواري

تَرِدنَ نمِيرَ دِجلَةَ لا لِغَبٍّ

بِطاناً مِن بَواكيرِ الثِمارِ

لَدى أَوكارِكُنَّ بِحَيثُ تاجُ ال

خَليفَةِ لا بِأَجوازِ البَراري

فَكَيفَ بِكُنَّ لَو نِيطَت شُجوني

بِكُنَّ وَنارُ وَجدي واِدِّكاري

مُنيتُ مِنَ الزَمانِ بِعَنقَفيرٍ

قَليلٌ عِندَها حَزُّ الشِفارِ

فِرَاقُ أَحِبَّةٍ وَذَهابُ مالٍ

وَضَيمُ أَقارِبٍ وَأَذاةُ جارِ

فَلا وَاللَهِ ما وَجدٌ كَوَجدي

وَلا عُرِفَ اِصطِبارٌ كَاِصطِباري

وَلائِمَةٍ وَأَحزَنَها مَسيري

وَقَد شَرِقَت بِأَدمُعِها الغِزارِ

تَقولُ وَقَد رَأَت عِيسي وَرَحلي

وَصَدّي عَن هَواها وَاِزوِراري

عَلى مَ تَجشَّمُ الأَهوالَ فَرداً

بُغبِرِ البِيدِ أَو لُجَجِ البِحارِ

أَمالاً ما تُحاوِلُ أَم عُلُوّاً

هُديتَ أَمِ اِجتِواءً لِلدِيارِ

أَتَقنَعُ بِالعَلاةِ مِنَ العَلالي

بَديلاً وَالمُثارِ مِن الوِثارِ

فَقُلتُ لَها غِشاشاً وَالمَطايا

إِلى التَجليحِ حاضِرَةُ الحَضارِ

ذَريني لا أَبا لَكِ كَيفَ يَرضى

بِدارِ الهُونِ ذُو الحَسَبِ النُضارِ

فَظِلُّ السِدرِ عِندَ الذُلِّ أَولى

بِأَهلِ المَجدِ مِن ظِلِّ السِدارِ

فَكَم أُفني عَلى التَسويفِ عُمراً

أَتى في إِثرِ أَعمارٍ قِصارِ

وَحتّامَ الخُلودُ إِلى مَكانٍ

عَلى مَضَضٍ بِهِ أَبَداً أُداري

وَلَو أَنّي أُداري قِرمَ قَومٍ

كَريمَ المُنتَهى حامي الذِمارِ

عُذِرتُ وَقُلتُ لِلنَّفسِ اِطمَئِنّي

وَمِلتُ إِلى التَحَلُّمِ وَالوَقارِ

وَلَكِنّي أُداري كُلَّ قَرٍّ

يُجَلُّ إِذا يُعَدُّ مِنَ القَرارِ

كَليلِ الطَرفِ عَن سُبُلِ المَعالي

بَصيرٍ بِالمَآثِرِ وَالإثارِ

تَعَلَّقَ مِن عُرى قَومي بِسَبٍّ

ضَعيفٍ لَيسَ بِالسَبَبِ المُغارِ

فَأَصبَحَ كالحُبارى مُقذَحِرّاً

بِحِذرِيَةٍ لَهُ لا كَالحِذارِ

فَيا شَرَّ الدُهورِ جُزيتَ شَرَّ ال

جَزاءِ وَذُقتَ فُقدانَ الشّرارِ

لترأَمَ كُلَّ ذي شَرَفٍ قَديمٍ

وَتَذرُوا ما بِرَأسِكَ مِن ذِرارِ

فَقَد كَلَّفتَني خُطَطاً أَشابَت

قَذالى قَبلَ خَطٍّ في عِذاري

وَلَو أَجرضتُ مِنكَ بِغَيرِ ريقي

لَكانَ بِأَعذَبِ الماءِ اِعتِصاري

فَقُل لِلشّامِتينَ بِنا عِلاناً

هَنيئاً بِالمَهانَةِ وَالصَغارِ

مَكانَكُمُ فَسِخّوا فَالمَعالي

صِعابٌ لَيسَ تُدرَكُ بِالسِّرارِ

فَقَد نِلتُ المُنى غَضّاً بِجِدٍّ

وَعَزمٍ لا يَقِرُّ عَلى قَرارِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات