صاح بالوعظ شيب رأس مضي

صاح بالوعظ شيب رأس مضي - عالم الأدب

صاحَ بِالوَعظِ شَيبُ رَأسٍ مُضِيُّ

حَثَّني لِلتُقى وَقَلبي بَطِيُّ

وَأَراني وَجهَ المَنِيَّةِ مِن قُر

بٍ وَلَكِنَّني عَلَيها جَرِيُّ

سَحَرَتني الدُنيا وَعاداتُ لَذّا

تي فَجِسمي كَهلٌ وَقَلبي صَبِيُّ

أَصرَعُ العَقلَ بِالهَوى فَسِراجُ ال

راشِدِ مِن تَحتُ بِالظَلامِ خَفِيُّ

تَرَكَتني عَينُ الخَلِيُّ لِما بي

وَتَمَطّى عَلَيَّ لَيلٌ قَسِيُّ

غَيرَ لَيلاتي القَديمَةِ إِذ دَه

رِيَ غِرٌّ بِالحادِثاتِ غَبِيُّ

وَغُصونُ الدُنيا قَريبٌ جَناها

وَغَديرُ الحَياةِ صافٍ هَنِيُّ

لَم تَزَل بِالرَحيلِ دارُ سُلَيمى

يَتَهادى بِها المَها الوَحشِيُّ

مُشعَلَتٌ مِثلُ الفَساطيطِ قَدرُ

كَزَّ فيها الصِعادُ وَالخَطِّيُّ

وَمِنَ العُفرِ بارِحٌ وَسَنيحٌ

جامِدُ الظَلفِ قَرنُهُ مَلوِيُّ

وَثَلاثٌ حَنَّت لِنَوءِ رَمادٍ

يَأكُلُ الصُبحُ جَمرَهُ وَالعَشِيُّ

فَهيَ لِلريحِ كُلَّ يَومٍ وَلِلقَط

رِ غَريبٌ في رَبعِها الإِنسِيُّ

كُلُّ دارٍ لَها وَظيفَةُ دَمعٍ

مِن جُفوني حَتّى تَكِلَّ المَطِيُّ

عاقَبَتني شُرَيرُ بِالصَدِّ وَالهَج

رِ وَتَحتَ العِقابِ قَلبٌ جَرِيُّ

وَتَعَجَّبتُ مِن مَعاشِرَ دَسّوا

لِيَ شَرّاً وَاللَهُ كافٍ عَلِيُّ

حَذَراً أَيُّها الحَسودُ فَلا تَغ

فِر لِلَحمي فَإِنَّ لَحمي وَبِيُّ

أَنا جاهُ الناسِ الَّذي يَحمِلُ العِب

ءَ وَيُمري بِهِ الزَمانُ البَكِيُّ

ساحِبُ ذَيلٍ جَحفَلٍ يَملَءُ الأَر

ضَ كَما عَمَّ حافَتَيهِ الأَتِيُّ

راجِحٌ بي ميزانُ مُلكٍ وَمَجدٍ

لَيسَ فيهِ مِنَ الأَنامِ كَفِيُّ

ثُمَّ ظَنّي بِأَنَّ ما يَسعَدُ العا

قِلُ وَالحاسِدُ المُعَنّى الشَقِيُّ

ضَنَّ عَنّي فَلَم يَضِرني حَسودي

وَحَباني رَبٌّ عَلِيٌّ سَخِيُّ

وَفَلاةٍ عَمياءَ يَردى بِها السَفَ

رُ خَلاءٍ يَهابُها الجَنِيُّ

تَقِفُ العُصَّفُ الزَعازِعُ فيها

وَلَها قَبلَها جَناحٌ سَرِيُّ

قَد تَجاوَزتُها وَتَحتي سَبوحٌ

ذو مَطارٍ في عَدوِهِ مَهرِيُّ

وَيُمَدُّ الزِمامُ مِنهُ بِجِزعٍ

مِثلَ ما مُدَّ حَيَّةٌ مَطوِيُّ

كَاِبنِ قَفرٍ أَصابَ غَيثاً خَلاءً

جادَهُ صَوبُ وابِلٍ وَسَمِيُّ

وَأَجادَت بِلادُهُ بِنَباتٍ

عِرقُهُ بارِدُ الشَرابِ غَنِيُّ

قاعِداً في الثَرى يُطَيِّرُ ساقاً

يَتَمَشّى فيها شَبابٌ وَرِيُّ

وَلَهُ كُلَّما تَغَلغَلَ في الأَر

ضِ فِراشٌ مِنَ التُرابِ وَطِيُّ

فَخَلا مِنهُ آمِناً باغِيَ الطَل

عِ لَهُ مَشرَبٌ وَبَقلٌ جَنِيُّ

شاحِجٌ يَرفَعُ النَهيقَ كَما غَر

رَدَ حادٍ بِأَينَقٍ نَجدِيُّ

طابَ فيهِ لَهُ مَراحٌ وَمَغدىً

وَمَصيفٌ عِدٌ وَمَشتىً عَدِيُّ

فَلَهُ حينَ يَقبِضُ المالُ كَفَّي

هِ وَيَمشي النَهارَ بالٌ رَخِيُّ

شَغَلَتهُ لَواقِحٌ مَلَأَتهُ

عِبرَةً فَهوَ خَلفَهُنَّ كَمِيُّ

قابَلنَ جَمعَها إِلَيهِ كَما جَمَّ

عَ أَتباعَهُ إِلَيهِ الوَحِيُّ

فَدَعاها لِمَشرَبِ الماءِ عَطشا

نَ فَكَرَّت لِوَقعِهِنَّ بَغِيُّ

كُلَّما شَمَّ لاقِحاً شَمَّ مِنها

رَأسَ فَحلٍ بِرِجلِها مَغلِيُّ

خارِجٌ مِن ظِلالِ نَقعٍ كَما مَز

زَقَ جِلبابَهُ الخَليعُ الغَوِيُّ

قَد طَواها التَسويقُ وَالشَدُّ حَتّى

هُنَّ قُبٌّ كَأَنَّهُنَّ الرَكِيُّ

فَتَبَدّى لَهُنَّ بِالنَجَفِ المَقفِي

يُ ماءٌ صافي الجِمامِ غَرِيُّ

يَتَمَشّى عَلى حَصىً سَلَبَ الري

حُ قَذاهُ فَمَتنُهُ مَجلِيُّ

فَإِذا ضاحَكَتهُ دُرَّةُ شَمسٍ

خِلتَهُ كُسِّرَت عَلَيهِ الحِلِيُّ

وَسَطَ غابٍ وَأَيكَةٍ يَتَغَنّى

فَوقَ أَغصانِ أَيكِها القُمرِيُّ

عِندَها مُلحَمٌ لِسَهمٍ خَضيبٍ

كُلَّ يَومٍ لَهُ شِواءٌ طَريُّ

فَتَمَطّى لَهُ بِأَهزَعَ ماضٍ

موقَدِ النَصلِ مَتنُهُ مَبرِيُّ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المعتز، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات