شحطنا وما بالدار نأي ولا شحط

ديوان ابن زيدون

شَحَطنا وَما بِالدارِ نَأيٌ وَلا شَحطُ

وَشَطَّ بِمَن نَهوى المَزارُ وَما شَطّوا

أَأَحبابِنا أَلوَت بِحادِثِ عَهدِنا

حَوادِثُ لاعَقدٌ عَلَيها وَلا شَرطُ

لَعَمرُكُمُ إِنَّ الزَمانَ الَّذي قَضى

بِشَتِّ جَميعِ الشَملِ مِنّا لَمُشتَطُّ

وَأَمّا الكَرى مُذ لَم أَزُركُم فَهاجِرٌ

زِيارَتُهُ غِبٌّ وَإِلمامُهُ فَرطُ

وَما شَوقُ مَقتولِ الجَوانِحِ بِالصَدى

إِلى نُطفَةٍ زَرقاءَ أَضمَرَها وَقطُ

بِأَبرَحَ مِن شَوقي إِلَيكُم وَدونَ ما

أُديرُ المُنى عَنهُ القَتادَةُ وَالخَرطُ

وَفي الرَبرَبِ الإِنسِيِّ أَحوى كَناسُهُ

نَواحي ضَميري لا الكَثيبُ وَلا السِقطُ

غَريبُ فُنونِ الحُسنِ يَرتاحُ دِرعُهُ

مَتى ضاقَ ذَرعاً بِالَّذي حَزَهُ المِرطُ

كَأَنَّ فُؤادي يَومَ أَهوى مُوَدِّعاً

هَوى خافِقاً مِنهُ بِحَيثُ هَوى القِرطُ

إِذا ما كِتابُ الوَجدِ أَشكَلَ سَطرُهُ

فَمِن زَفرَتي شَكلٌ وَمِن عَبرَتي نَقطُ

أَلا هَل أَتى الفِتيانُ أَنَّ فَتاهُم

فَريسَةُ مَن يَعدو وَنُهزَةُ مَن يَسطو

وَأَنَّ الجَوادَ الفائِتَ الشَأوِ صافِنٌ

تَخَوَّنَهُ شَكلٌ وَأَزرى بِهِ رَبطُ

وَأَنَّ الحُسامَ العَضبَ ثاوٍ بِجَفنِهِ

وَماذُمَّ مِن غَربَيهِ قَدٌّ وَلا قَطُّ

عَلَيكَ أَبا بَكرٍ بَكَرتُ بِهِمَّةٍ

لَها الخَطَرُ العالي وَإِن نالَها حَطُّ

أَبي بَعدَما هيلَ التُرابُ عَلى أَبي

وَرَهطِيَ فَذّاً حينَ لَم يَبقَ لي رَهطُ

لَكَ النِعمَةُ الخَضراءَ تَندى ظِلالُها

عَلَيَّ وَلا جَحدٌ لَدَيَّ وَلا غَمطُ

وَلَولاكَ لَم تَثقُب زِنادُ قَريحَتي

فَيَنتَهِبَ الظَلماءَ مِن نارِها سِقطُ

وَلا أَلَّفَت أَيدي الرَبيعِ بَدائِعي

فَمِن خاطِري نَشرٌ وَمِن زَهرِهِ لَقطُ

هَرِمتُ وَما لِلشَيبِ وَخطٌ بِمَفرِقي

وَكائِن لِشَيبِ الهَمِّ في كَبِدي وَخطُ

وَطاوَلَ سوءُ الحالِ نَفسي فَأَذكَرَت

مِنَ الرَوضَةِ الغَنّاءِ طاوَلَها القَحطُ

مِئونَ مِنَ الأَيّامِ خَمسٌ قَطَعتُها

أَسيراً وَإِن لَم يَبدُ شَدٌّ وَلا قَمطُ

أَتَت بي كَما ميصَ الإِناءُ مِنَ الأَذى

وَأَذهَبَ ما بِالثَوبِ مِن دَرَنٍ مَسطُ

أَتَدنو قُطوفُ الجَنَّتَينِ لِمَعشَرٍ

وَغايَتِيَ السِدرُ القَليلُ أَوِ الخَمطُ

وَما كانَ ظَنّي أَن تَغُرَّنِيَ المُنى

وَلِلغِرِّ في العَشواءِ مِن ظَنِّهِ خَبطُ

أَما وَأَرَتني النَجمَ مَوطِئَ أَخمَصي

لَقَد أَوطَأَت خَدّي لِأَخمَصِ مَن يَخطو

وَمُستَبطَإِ العُتبى إِذا قُلتُ أَنّى

رِضاهُ تَمادى العَتبُ وَاِتَّصَلَ السَخطُ

وَما زالَ يُدنيني وَيُنئي قَبولَهُ

هَوىً سَرَفٌ مِنهُ وَصاغِيَةٌ فَرطُ

وَنَظمُ ثَناءٍ في نِظامِ وِلايَةٍ

تَحَلَّت بِهِ الدُنيا لَآلِئُهُ وَسطُ

عَلى خَصرِها مِنهُ وِشاحٌ مُفَصَّلٌ

وَفي رَأسِها تاجٌ وَفي جيدِها سِمطُ

عَدا سَمعَهُ عَنّي وَأَصغى إِلى عَدىً

لَهُم في أَديمي كُلَّما اِستَمكَنوا عَطُّ

بَلَغتُ المَدى إِذ قَصَّروا فَقُلوبُهُم

مَكامِنُ أَضغانٍ أَساوِدُها رُقطُ

يُوَلّونَني عُرضَ الكَراهَةِ وَالقِلى

وَما دَهرُهُم إِلّا النَفاسَةُ وَالغَمطُ

وَقَد وَسَموني بِالَّتي لَستُ أَهلَها

وَلَم يُمنَ أَمثالي بِأَمثالِها قَطُّ

فَرَرتُ فَإِن قالوا الفِرارَ إِرابَةٌ

فَقَد فَرَّ موسى حينَ هَمَّ بِهِ القِبطُ

وَإِنّي لَراجٍ أَن تَعودَ كَبَدئِها

لِيَ الشيمَةُ الزَهراءُ وَالخُلُقُ السَبطُ

وَحِلمُ امرِئٍ تَعفو الذُنوبُ لِعَفوِهِ

وَتُمحى الخَطايا مِثلَما مُحِيَ الخَطُّ

فَما لَكَ لاتَختَصَّني بِشَفاعَةٍ

يَلوحُ عَلى دَهري لِمَيسَمِها عَلطُ

يَفي بِنَسيمِ العَنبَرِ الوَردِ نَفحُها

إِذا شَعشَعَ المِسكَ الأَحَمَّ بِهِ خَلطُ

فَإِن يُسعِفِ المَولى فَنُعمى هَنيئَةٌ

تُنَفِّسُ عَن نَفسٍ أَلَظَّ بِها ضَغطُ

وَإِن يَأبَ إِلّا قَبضَ مَبسوطِ فَضلِهِ

فَفي يَدِ مَولىً فَوقَهُ القَبضُ وَالبَسطُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن زيدون، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات