سواي مرجي سلوة أو مريدها

ديوان البحتري

سِوايَ مُرَجّي سَلوَةٍ أَو مُريدُها

إِذا واقِداتُ الحُبِّ حُبَّ خُمودُها

فِرارَكَ مِن كَفِّ البَخيلِ وَمُقلَةِ ال

مُحِبِّ اِعتَراها يَومَ بَينٍ جُمودُها

وَلَيسَ يُؤَدّي العَهدَ إِلّا أَمينُهُ

وَلا فَعَلاتِ المَجدِ إِلّا مَجيدُها

وَلَم أَنسَ أَيّاماً بِيَثرِبَ لَم تَجِد

لَها أُخَرُ الأَيّامِ حُسناً تَزيدُها

إِذا ما جَرى سَيلُ العَقيقِ بِجَمَّةٍ

سَقاني رُضابَ الغانِياتِ بَرودُها

مُقيمٌ بِأَكنافِ المُصَلّى تَصيدُني

لِأَهلِ المُصَلّى ظَبيَةٌ لا أَصيدُها

تَرَغَّبَ عَن صِبغِ المَجاسِدِ قَدُّها

لِيَحلُوَ وَاِستَغنى عَنِ الحَليِ جيدُها

إِذا أَطفَأَ الياقوتَ إِشراقُ حُسنِها

فَإِنَّ عَناءً ما تَوَخَّت عُقودُها

وَقَد أَعوَزَتني وَهيَ مَوقِعُ ناظِري

لِما لَجَّ فيهِ هَجرُها وَصُدودُها

فَكَيفَ أَرى أَسماءَ مِن قُربِ دارِها

وَأَسأَلُ عَن أَسماءَ أَينَ وُجودُها

أُريدُ لِنَفسي غَيرَها حينَ لا أَرى

مُقارَبَةً مِنها وَنَفسي تُريدُها

وَتَذرِفُ عَيني إِن تَذَكَّرتُ مُلتَقىً

لَنا وَعُيونُ الحَيِّ فينا هُجودُها

إِذا قَطَعَت عَنها الوِشاحَ اِعتِناقَةٌ

فَيا حُسنَها يَرفَضُّ عَنها فَريدُها

فِناءُ اللَئيمِ خِطَّةٌ ما أَطورُها

وَمالُ اللَئيمِ رَوضَةٌ ما أَرودُها

وَعِندَ بَني عَمّي لُهىً لا طَريفُها

مَصونٌ وَلا مُحمىً عَلَيَّ تَليدُها

لَقَد وَفَّقَ اللَهُ المُوَفَّقَ لِلَّتي

تَباعَدَ عَن غَيِ المُلوكِ رَشيدُها

رَأى صاعِداً أَهلاً لِأَشرَفِ رُتبَةٍ

يَشُقُّ عَلى ساري النُجومِ صُعودُها

فَكَيفَ وَجَدتُم عَدلَهُ وَقَدِ التَقَت

مُسالِمَةً شاءُ البِلادِ وَسيدُها

فَإِن تُخرِجِ الأَيامُ مَذخورَ حُسنِها

فَقَد آنَ أَن يُبدي النَضارَةَ عودُها

يُريكَ سَدادَ الرَأيِ مِن حَيثُ ما ارتَأى

وَأَعوَزُ آراءِ الرِجالِ سَديدُها

سُمُوٌّ إِلى أَعلى الفَعالِ وَخُطوَةٌ

إِلى المَجدِ مَرمى العَينِ في الجَوِ قيدُها

وَجودُ يَدٍ ما أَدرَكَ البَحرُ في الَّذي

تَعَمَّدَ إِلّا حَيثُ أَدرَكَ جودُها

تَلَقّى المَعالي عَن أَوائِلِ قَومِهِ

راحَ يُثَنّيها لَهُم وَيُعيدُها

وَشَيَّدَها حَتّى اِستَحَقَّ تُراثَها

وَلا يَرِثُ العَلياءَ مَن لا يَشيدُها

وَنُبِّتُ أَنَّ الخَيلَ أَعطَت رُؤوسَها

مُعاوِدَ حَربٍ لِلطِعانِ يَقودُها

تَراهُ وَإِن وَفَّتهُ ما كانَ واجِباً

لَهُ يَقتَضيها الكَرَّ أَو يَستَزيدُها

إِذا كانَ في كَعبِ بنُ عَمرٍ عِدادُها

تَضاعَفَ في حَسبِ العَدُوِّ عَديدُها

وَما زالَ لِلإِسلامِ مِنّا مُثَبِّتُ

إِذا قُبَّةُ الإِسلامِ مالَ عَمودُها

تَرامى عُيونُ الناسِ في كُلِّ شارِقٍ

إِلى ريشَةٍ قَد طارَ حُضراً بَريدُها

لَقَد نُصِرَت راياتُكَ الصُفرُ إِذ قَنا

بِما اِحمَرَّ مِن لَونِ الدِماءِ جَسيدُها

وَطاعَت بِأَيمانِ اليَمانينَ في الوَغى

يَمانِيَةٌ بيضٌ جَديدٌ جَديدُها

شَنَنتَ عَلى نَهرِ اليَهودِيِّ غارَةً

هَوى خُرَّمِيّوها وَطاحَ يَهودُها

إِذا جُدِحَت سودُ المَنايا فَأَخلَقُ ال

رِجالِ بِأَن يُسقى رَداهُنَّ سودُها

وَلَمّا تَلاقَوا عِندَ دِجلَةَ أَضمَرَت

مَهابَةَ أَشخاصِ المَوالي عَبيدُها

غَماغِمُ أَصواتٍ وَجَرسُ تُقارُعٍ

وَمُختارَةُ المَرذولِ يَدمى وَريدُها

إِذا صَدَرَت عَن يَومِ مَوتٍ بِآخِرِ ال

حُشاشَةِ مِنها كانَ غَدواً وُرودُها

وَقَد أَدبَرَ المَخذولُ حَتّى لَوَ اِنَّهُ

رَمى الأَرضَ لَم يُفرِص يَدَيهِ جَديدُها

إِذا اختارَ وَقتاً لِلنُجومِ يَعُدُّهُ

لِيَومِ وَغى عادَت نُحوساً سُعودُها

وَلا عَيشَ حَتّى يَبتَلي طَعمُ وَقعَةٍ

مِنَ السَيفِ يَذكو في حَشاهُ وَقودُها

وَلَم أوتِ عِلماً بِالَّذي اللَهُ صانِعٌ

وَلَكِنَّها الدُنيا قَريبٌ بَعيدُها

وَأَعرِفُها مِنهُ قَريباً لِما غَدَت

أَدِلَّتُها تُنبي بِهِ وَشُهودُها

جَزى اللَهُ عَنّا صالِحاً آلَ مَخلَد

وَتَمَّت لَهُم نُعمى يَدومُ خُلودُها

هُمُ عَوَّضوا مِن نِعمَتي إِذ وُتِرتُها

بِأَيدٍ يَزُدُّ الفائِتاتِ مَديدُها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات