سننت لهذا الرمح غربا مذلقا

ديوان الشريف الرضي

سَنَنتُ لِهَذا الرُمحِ غَرباً مُذَلَّقا


وَأَجرَيتُ في ذا الهِندُوانيِّ رَونَقا


وَسَوَّمتُ ذا الطِرفَ الجَوادَ وَإِنَّما


شَرَعتُ لَهُ نَهجاً فَخَبَّ وَأَعنَقا


لَئِن بَرَقَت مِنّي مَخايلُ عارِضٍ


لَعَينَيكَ يَقضي أَن يَجودَ وَيُغدِقا


فَلَيسَ بِساقٍ قَبلَ رَبعِكَ مَربَعاً


وَلَيسَ بِراقٍ قَبلَ جَوِّكَ مُرتَقى


وَإِن صَدَقَت مِنهُ اللَيالي مَخيلَةً


تَكُن بِجَديدِ الماءِ أَوَّلَ مَن سَقى


وَيَغدو لِمَن يُروي جَنابَكَ مُروِياً


زُلالا وَلِلأَعداءِ دونَكَ مُصعِقا


وَإِن تَرَ لَيثاً لائِذاً لِفَريسَةٍ


يُراصِدُ غُرّاتِ المَقاديرِ مُطرِقا


فَما ذاكَ إِلّا أَن يُوَفِّرَ طَعمَها


عَلَيكَ إِذا جَلّى إِلَيها وَحَقَّقا


وَإِن يَرقَ يَوماً في المَعالي فَإِنَّهُ


سَما لِيُوَقّي وَطءَ رِجلِكَ مَزلَقا


وَإِن يَسعَ في الأَمرِ العَظيمِ فَإِنَّما


سَعى لَكَ في ذاكَ الطَريقِ مُطَرِّقا


وَإِن يَصِبِ السَهمُ الَّذي راشَ نَصلَهُ


فَما كانَ إِلّا في هَواكَ مُفَوَّقا


وَإِن يَنهَضِ الغَرسُ الَّذي هُوَ غارِسٌ


يَكُن لَكَ مَجنىً في الخُطوبِ وَمَعلَقا


لِتَجنيهِ دونَ الناسِ ما كانَ مُثمِراً


وَتَلبَسَ طَلّاً مِنهُ ما كانَ مورِقا


فَنَم وادِعاً وَاِستَسقِني فَسَتَنتَضي


حُساماً إِذا ما مَرَّ بِالعَظمِ طَبَّقا


وَجُرَّ ذُيولَ العِزِّ إِنّي أَجُرُّهُ


لُهاماً إِذا ما أَظلَمَ اللَيلُ أَبرَقا


وَجَيشاً جَناحاهُ يُزَمّانِ بِالرَدى


خَفوقانِ ما نالا مِنَ الأَرضِ مَخفَقا


بِهِ كُلُّ طَعّانٍ يَلوثُ بِرَأسِهِ


عَنيقَ المَذاكي ما يُثيرُ مِنَ النَقا


لَدُن غُدوَةً حَتّى تَرى الشَمسَ وَرسَةً


كَأَنَّ عَلى الغيطانِ ثَوباً مُزَبرَقا


وَرَكبٍ أَغَذّوا بِالرِكابِ فَنَشَّفوا


ثَمائِلَها بِالجَوبِ غَرباً وَمَشرِقا


وَكُلِّ مُعَرّاةِ الضُلوعِ كَأَنَّما


أَقاموا عَلَيها جازِراً مُتَعَرِّقا


فَإِن راشَني دَهري أَكُن لَكَ بازِياً


يَسُرُّكَ مَحصوراً وَيُرضيكَ مُطلَقا


أُشاطِرُكَ العِزَّ الَّذي أَستَفيدُهُ


بِصَفقَةِ راضٍ إِن غَنيتُ وَأَملَقا


فَتَذهَبُ بِالشَطرِ الَّذي كُلُّهُ غِنىً


وَأَذهَبُ بِالشَطرِ الَّذي كُلُّهُ شَقا


وَتَأخُذُ مِنهُ ما أَنامَ وَما حَلا


وَآخُذُ مِنهُ ما أَمَرَّ وَأَرَّقا


فَغَيرِيَ إِمّا طارَ غادَرَ صَحبَهُ


دُوَينَ المَعالي واقِعينَ وَحَلَّقا


فَإِن تُسلِفِ التَبجيلَ قَبلَ أَوانِهِ


أُعِضكَ بِهِ وَجهاً مِنَ الوُدِّ مونِقا


وَإِن تُعطِني الإِعظامَ قَولاً فَإِنَّني


سَأُعطيكَ فِعلاً مِنهُ أَذكى وَأَعبَقا


لَعَلَّ اللَيالي أَن يُبَلِّغنَ مُنيَةً


وَيَقرَعنَ لي باباً مِنَ الحَظِّ مُغلَقا


نَظارِ وَلا تَستَبطِ عَزمي فَلَن تَرى


عَلوقاً إِذا ما لَم تَجِد مُتَعَلِّقا


وَليسَ يُنالُ الأَمرُ إِلّا بِحازِمٍ


مِنَ القَومِ أَحمى ميسَماً ثُمَّ أَلصَقا


فَإِن قَعَدَت بي السِنُّ يَوماً فَإِنَّهُ


سَيَنهَضُ بي مَجدي إِلَيها مُحَقَّقا


فَوَ اللَهِ لا كَذَّبتُ ظَنَّكَ إِنَّهُ


لَعارٌ إِذا ما عادَ ظَنُّكَ مُخفِقا


فَإِنَّ الَّذي ظَنَّ الظُنونَ صَوادِقاً


نَظيرُ الَّذي قَوّى الظُنونَ وَحَقَّقا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات