سل القصر أودى أهله أين أهله

ديوان أبو العتاهية

سَلِ القَصرَ أَودى أَهلُهُ أَينَ أَهلُهُ

أَكُلُّهُمُ عَنهُ تَبَدَّدَ شَملُهُ

أَكُلُّهُمُ حالَت بِهِ الحالُ وَانقَضَت

وَزَلَّت بِهِ عَن حَومَةِ العِزِّ نَعلُهُ

أَكُلُّهُمُ فَضَّت يَدُ الدَهرِ جَمعَهُ

وَأَفناهُ نَقضُ الدَهرِ يَوماً وَفَتلُهُ

أَكُلُّهُمُ مُستَبدَلٌ بَعدَهُ بِهِ

سِواهُ وَمَبتوتٌ مِنَ الناسِ حَبلُهُ

أَكُلُّهُمُ لا وَصلَ بَيني وَبَينَهُ

إِذا ماتَ أَو وَلّى امرُؤٌ بانَ وَصلُهُ

خَليلَيَّ ما الدُنيا بِدارِ فُكاهَةٍ

وَلا دارِ لَذّاتٍ لِمَن صَحَّ عَقلُهُ

تَزَوَّدتُ تَشميرَ المَشيبِ وَجِدَّهُ

وَفارَقَني زَهوُ الشَبابِ وَهَزلُهُ

وَكَم مِن هَواً لي طالَ ما قَد رَكِبتُهُ

وَمِن عاذِلٍ لي رُبَّما طالَ عَذلُهُ

وَعَذلُ الفَتى ما فيهِ فَضلٌ لِغَيرِهِ

إِذا ما الفَتى عَن نَفسِهِ ضاقَ عَذلُهُ

لَعَمرُكَ إِنَّ الحَقَّ لِلناسِ واسِعٌ

وَلَكِن رَأَيتُ الحَقَّ يُكرَهُ ثِقلُهُ

وَلِلحَقِّ أَهلٌ لَيسَ تَخفى وُجوهُهُم

يَخِفُّ عَلَيهِم حَيثُ ما كانَ حَملُهُ

وَما صَحَّ فَرعٌ أَصلُهُ الدَهرَ فاسِدٌ

وَلَكِن يَصِحُّ الفَرعُ ما صَحَّ أَصلُهُ

وَما لِامرِئٍ مِن نَفسِهِ وَتَليدِهِ

وَطارِفِهِ إِلّا تُقاهُ وَبَذلُهُ

وَما نالَ عَبدٌ قَطُّ فَضلاً بِقُوَّةٍ

وَلَكِنَّهُ مَنُّ الإِلَهُ وَفَضلُهُ

لَنا خالِقٌ يُعطي الَّذي هُوَ أَهلُهُ

وَيَعفو وَلا يَجزي بِما نَحنُ أَهلُهُ

أَلا كُلُّ شَيءٍ زالَ فَاللَهُ بَعدَهُ

كَما كُلُّ شَيءٍ كانَ فَاللَهُ قَبلُهُ

أَلا كُلُّ شَيءٍ ما سِوى اللَهِ زائِلٌ

أَلا كُلُّ ذي نَسلٍ يَموتُ وَنَسلُهُ

أَلا كُلُّ مَخلوقٍ يَصيرُ إِلى البِلى

أَلا إِنَّ يَومَ المَيتِ لِلحَيِّ مِثلُهُ

أَلا ما عَلاماتُ البِلى بِخَفِيَّةٍ

وَلَكِنَّما غَرَّ ابنَ آدَمَ جَهلُهُ

أُخَيَّ أَرى لِلدَهرِ نَبلاً مُصيبَةً

إِذا ما رَمانا الدَهرُ لَم تَخطُ نَبلُهُ

فَلَم أَرَ مِثلَ المَرءِ في طولِ سَهوِهِ

وَلا مِثلَ رَيبِ الدَهرِ يُؤمَنُ خَتلُهُ

وَحَسبُكَ مِمَّن إِن نَوى الخَيرَ قالَهُ

وَإِن قالَ خَيراً لَم يُكَذِّبهُ فِعلُهُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات