سلوت عن الدهر الذي كان معجبا

ديوان الفرزدق

سَلَوتُ عَنِ الدَهرِ الَّذي كانَ مُعجِباً

وَمِثلُ الَّذي قَد كانَ مِن دَهرِنا يُسلي

وَأَيقَنتُ أَنّي لا مَحالَةُ مَيِّتٌ

فَمُتَّبِعٌ آثارَ مَن قَد خَلا قَبلي

وَأَنّي الَّذي لا بَدَّ أَن سَيُصيبُهُ

حِمامُ المَنايا مِن وَفاةٍ وَمِن قَتلِ

فَما أَنا بِالباقي وَلا الدَهرُ فَاِعلَمي

بِراضٍ بِما قَد كانَ أَذهَبَ مِن عَقلي

وَلا مُنصِفي يَوماً فَأُدرِكَ عِندَهُ

مَظالِمَهُ عِندي وَلا تارِكاً أَكلي

وَأَينَ أَخِلّائي الَّذينَ عَهِدتُهُم

وَكُلُّهُمُ قَد كانَ في غِبطَةٍ مِثلي

دَعَتهُم مَقاديرٌ فَأَصبَحتُ بَعدَهُم

بَقِيَّةُ دَهرٍ لَيسَ يُسبَقُ بِالذَحلِ

بَلَوتُ مِنَ الدَهرِ الَّذي فيهِ واعِظٌ

وَجارَيتُ بِالنُعمى وَطالَبتُ بِالتَبلِ

وَجُرِّبتُ عِندَ المُضلِعاتِ فَلَم أَكُن

ضَريعَ زَمانٍ لا أُمِرَّ وَلا أُحلي

وَبَيداءُ تَغتالُ المَطِيَّ قَطَعتُها

بِرَكّابِ هَولٍ لَيسَ بِالعاجِزِ الوَغلِ

إِذا الأَرضُ سَدَّتها الهَواجِرُ وَاِرتَدَت

مُلاءَ سَمومٍ لَم يُسَدَّينَ بِالغَزلِ

وَكانَ الَّذي يَبدو لَنا مِن سَرابِها

فُضولُ سُيولِ البَحرِ مِن مائِهِ الضَحلِ

وَيَدعو القَطا فيها القَطا فَيُجيبُهُ

تَوائِمُ أَطفالٍ مِنَ السَبسَبِ المَحلِ

دَوارِجُ أَخلَفنَ الشَكيرَ كَأَنَّما

جَرى في مَآقيها مَراوِدُ مِن كُحلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الفرزدق، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات