سلت صوارمها من الأجفان

ديوان ابن نباتة المصري

سلّت صوارِمها من الأجفان

فسطت على الآساد والغزلان

وتبسَّمت عن لؤلؤٍ متمنع

حتَّى بكيت عليه بالعقيان

غيداء أستجلي البدور لوجهها

إذ ليس حظِّي منه غير عيان

تركية للقان ينسب خدُّها

واصبوتي منه بأحمر قاني

خدٌّ يريك تنعماً وتلهباً

يا من رأى الجنات في النيران

ومحاسن تزهو وتخلف عهدها

وكذا يكون الروض ذا ألوان

كالجنة الزهراء إلا أنَّ لي

من أدمعي فيها حميماً آن

يحمي نعيم خدودها أن يحتنى

أو ما سمعت شقائق النعمان

ترنو لواحظها إلى عشَّاقها

فتصول بالأسياف في الأجفان

ويهزُّ حلو قوامها مرج الصبا

هزَّ الكماة عواليَ المرَّان

إن صدَّها عني المشيب فطالما

عطفت شمائِلها بما أرضاني

وبلغت ما لا سوّلته شبيبتي

وفعلت ما لا ظنَّه شيطاني

وجنيتُ من ثمر الذنوب تعمداً

لما رأيت العفو حظّ الجاني

وحلبت هذا الدهر أشطر عيشه

فوجدت زبدتها متاعاً فاني

وسبرت أخلاق الكرام فلم أجد

في الفضل للملك المؤيد ثاني

ملكٌ ترنَّحت المنابر باسمه

حتى ادَّكرنَ معاهد الأغصان

بادي الوقار إذا احتبى وحبا الندى

أبصرت سير السيل من نهلان

قامت بسؤدده مآثر بيته

وعلى العماد إقامة البنيان

قسماً بمن أعلى وأعلن مجده

وأفاض أنعمه بكلِّ مكان

ما حاد عني الفقر حتى صحت في

مدحي أنا بالله والسلطان

فوجدت للنعماء ملء مآربي

ووجدت للأوصاف ملء لساني

ومدحت من نشرت مدائح مجده

ذكري فلو لم يعطني لكفاني

ملكاً أبرّ على الأولى متأخراً

عنهم كبسم الله في العنوان

تعب الأنامل لا يغبّ نواله

إنَّ العلى والمجد للتعبان

أعطى وقد منع الغمام وأرشدت

آراؤه والنجم كالحيران

واعتادت الهيجاء منه غضنفراً

سار من اليزنيَّ في خفَّان

تتألف العقبان فوق رماحِه

إلفَ الحمام على غصون البان

ويصحّ علم الكيمياء وسيفه

فترى اللجين يعود كالعقيان

ويقول فيض فعاله ومقاله

مرج النهى بحرين يلتقيان

يا مشتري سلع الثناء بماله

هنئت مرتبة على كيوان

صانت يداك عن الأنام وسائلي

وثني حماك عن البلاد عناني

فمحوت إلاَّ من ثناك خواطري

ونفضت إلاَّ من نداك بناني

وتركت مدح العالمين وذمّهم

وشغلت عن هذا الندى في شاني

وأقمت متصل الرجاء بواحدٍ

لم يختلف في الفضل منه اثنان

متسلسل الكلمات في أوصافه

متقيداً بصنائع الإحسان

لا يعدم الدهر الأخير بدائعاً

تنهال بين سماحةٍ وبيان

أكتال بالمكيال فضل هباته

وأبيحه الأمداح بالأوزان

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات