سلام على الدار التي جمعت شملي

ديوان الأمير الصنعاني

سلام على الدار التي جمعت شملي

وشمل الذي أهواه في زمن الوصل

بها نلت ما تهوى النفوس وترتضي

فأمل إذا وافقت سمعاً لمستمل

حللت بها عني عقود تمائمي

وحليت جيدي بالفضائل والفضل

قطعت بها عصر الصِّبا بين حيرة

لإِحسانهم عاد الأجانب هم أهلي

فلم أر إلا باسماً عند خدمتي

فمن واضع رحلي ومن حامل نعلي

أُحَكَّمُ في أموالهم فتصرفي

تصرفهم فيها وفعلهم فعلي

وأقسم لولا حرمة الشرع بيننا

لقالوا تحكم في البنين وفي الأهل

وكم روضة قد أنزلونا كأنها

رياض جنان الخلد شكلاً على شكل

يبلبل فيها النهر حتى كأنه

يترجم أصوات البلابل إذ تملى

فأطيارها غنَّتْ وصفق نهرها

وأعجبها رقص الغصون بلا رجل

وقد طرزت أرض الرياض يد الحيا

وجاد عليها السحب بالويل والطل

وقد فرشتها عبقري زهورها

فخلنا العيون الباليات في الرمل

وكانت سليمى يا سقى اللّه عهدها

تراسل سراً بالرسائل والرسل

تسائل حيناً كيف أصبْحتَ بعدنا

فقلت لرجَوْى الوصل أصبحت في فضل

فقالت وكم ترجو الوصال وإنما

قصارى وصال أن تعود إلى فصل

أمالك في مَرِّ الجديدين عبرة

بلى إن في مر الجديدين ما يبلي

يُغيِّر كل الكائنات مرورها

ويلحَق فيها الطفلُ بالشيخ والكهل

فسرح طرف الفكر في الأرض هل ترى

سوى ذى عَنَاء من أذاها وذي شغل

تذكر فكم فارقت من كل ماجد

ومن عالم بحر وغَمْرٍ أخى جهل

دع الناس واذكر ما فقدت من القُوَى

فحالك عندي عبرة لذوي العقل

رياض شباب كنت أحسب أنها

تدوم كأني ما رأيت فَتىً قبلي

وصح شبابي مثل لمعة بارق

كأن سواد الشعر نوع من الظل

غزاه بياض الشيب من كل جانب

كمنتصر للخد في لونه الأصلي

ولم يدر أني لا أريد انتصاره

إلى اللّه من نصر يعود إلى قَتْلِي

فما الشيب إلا من جيوش منيتي

يقيم قليلاً ثم يرحل بي كلي

فما باله إن كان ينصر لونه

ويزعم أن الغز قد كان من أجلى

أضر بأسناني وكانت كلؤلؤ

يثور على رغمي من العقد منسل

وقد عاد رمح القد قوساً كأنه

يحاول رمياً للمنية بالنَّبل

وهيهات لا تغني القسِيُّ عن الردى

ولا الأسل الخطى عن دفعها يسلي

وكادت خطاي أحسن اللّه سعيها

يروم بممشاها مساجلة النمل

فما هذه الدنيا بدار إقامة

فما بالنا كل تراه بلا عقل

أما لو عقلنا ما غفلنا عن الذي

يراد بنا فالحكم للّه ذي الفضل

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات