سفرت أميمة ليلة النفر

ديوان ابن معصوم

سَفرَت أُميمةُ لَيلةَ النَفرِ

كالبَدرِ أَو أَبهى مِن البَدرِ

نزلت مِنىً تَرمي الجمارَ وقد

رَمتِ القلوبَ هناك بالجَمرِ

وَتنسَّكت تَبغي الثَوابَ وَهَل

في قَتل ضَيفِ اللَه من أَجرِ

إِن حاولت أَجراً فقد كسبَت

بالحَجِّ أَضعافاً من الوِزرِ

نحرَت لواحظُها الحَجيجَ كَما

نحرَ الحَجيجُ بَهيمَةَ النَحرِ

تَرمي وما تَدري بما سَفكت

منها اللَواحِظُ من دَمٍ هَدرِ

اللَه لي من حبِّ غانيَةٍ

تَرمي الحَشا مِن حيث لا تَدري

بَيضاءَ من كَعبٍ وكَم مَنعَت

كَعبٌ لها من كاعِبٍ بِكرِ

زعمَت سُلوّي وهي ساليَةٌ

كلّا وربِّ البَيتِ وَالحِجرِ

ما قَلبُها قَلبي فأَسلوها

يَوماً ولا مِن أَمرِها أَمري

أَبكي وَتَضحَكُ إِن شكوتُ لها

حدَّ الصدود ولوعةَ الهِجرِ

وَعلى وُفورِ ثَرايَ لي وَلَها

ذلُّ الفَقير وعزَّةُ المُثري

لَم يُبقِ منّي حُبُّها جَلَداً

إِلّا الحَنين ولاعجَ الذِكرِ

وَيَزيدُ غَليَ الماءِ ما ذُكرَت

وَالماءُ يُثلجُ غلَّةَ الصَدرِ

قد ضَلَّ طالِبُ غادَةٍ حُميَت

في قومها بالبيض والسُمرِ

وَمؤنّبٍ في حبِّها سَفَهاً

نَهنَهتُهُ عَن منطقِ الهُجرِ

يَزدادُ وَجدي في مَلامَتِهِ

فكأَنَّه بِمَلامِه يُغري

لا يكذبنَّ الحُبُّ أَليقُ بي

وبشيمَتي من سُبَّةٍ الغَدرِ

هَيهاتَ يأبى الغَدرَ لي نَسَبٌ

أُعزى بِهِ لِعليٍّ الطُهرِ

خيرِ الوَرى بعدَ الرَسولِ ومَن

حازَ العُلى بِمَجامِعِ الفَخرِ

صِنو النَبيِّ وَزَوجِ بضعَتِه

وأَمينه في السِرِّ وَالجَهرِ

إِن تُنكر الأَعداءُ رُتبتَه

شَهِدت بها الآياتُ في الذِكرِ

شكرت حُنينُ له مساعيَه

فيها وَفي أُحُدٍ وفي بَدرِ

سَل عنه خَيبرَ يَومَ نازَلَها

تُنبيكَ عن خَبَرٍ وعن خُبرِ

مَن هَدَّ منها بابَها بيَدٍ

وَرَمى بها في مَهمَهٍ قَفرِ

واِسأل براءَةَ حين رتَّلها

من ردَّ حاملَها أَبا بكرِ

وَالطَيرَ إِذ يَدعو النَبيُّ له

من جاءَه يَسعى بلا نُذرِ

وَالشَمسَ إذ أَفلَت لمن رَجَعت

كيما يُقيمَ فريضةَ العَصرِ

وَفراشَ أَحمدَ حين هَمَّ به

جمعُ الطُغاة وعصبةُ الكفرِ

من باتَ فيه يَقيهِ مُحتَسِباً

من غير ما خَوفٍ ولا ذُعرِ

وَالكَعبةَ الغَرّاء حين رَمى

من فوقها الأَصنامَ بالكسرِ

من راحَ يَرفعُه ليَصعَدَها

خَيرُ الوَرى منه على الظَهرِ

وَالقَوم من أَروى غَليلَهُمُ

إذ يَجأرون بمَهمَهٍ قَفرِ

وَالصَخرةَ الصَمّاءَ حوَّلَها

عن نهر ماءٍ تَحتَها يَجري

وَالناكثينَ غداةَ أَمَّهُمُ

من ردَّ أُمَّهُمُ بلا نُكرِ

وَالقاسطينَ وقد أَضَلَّهُمُ

غيُّ اِبنِ هندَ وخِدنِه عَمرِو

مَن فَلَّ جيشَهُمُ على مَضَضٍ

حتّى نَجوا بخدائع المَكرِ

وَالمارقينَ من اِستباحهُمُ

قَتلاً فَلَم يُفلِت سوى عَشرِ

وَغَديرَ خُمٍّ وهو أَعظَمُها

من نالَ فيه ولايةَ الأَمرِ

واِذكر مُباهَلَةَ النَبيِّ به

وَبزوجه واِبنَيه للنَفرِ

واِقرأ وأَنفُسَنا وأَنفُسَكُم

فَكَفى بها فَخراً مَدى الدَهرِ

هَذي المَكارِمُ وَالمفاخرُ لا

قَعبان من لَبنٍ ولا خَمرِ

وَمناقبٍ لَو شئتُ أَحصُرها

لحصِرتُ قبل الهَمِّ بالحَصرِ

وإِلى أَمير المؤمنين سَرَت

تَبغي النَجاحَ نجائبُ الفكرِ

من كُلِّ قافيَةٍ مهذَّبَةٍ

خلَصَت خلوصَ سبيكة التَبرِ

تَرجو بساحتِه لمُرسِلِها

محوَ الذنوب وحطَّة الوِزرِ

وَمطالبٍ شَتّى ستجمعُها

بالنُجح منه عوائدُ البِرِّ

يا خَيرَ من أَمَّ العفاةُ له

في الدَهرِ من بَرٍّ ومن بحرِ

إِنّي قصَدتُك قصدَ ذي أَمَلٍ

يَرجوكَ في عَلَنٍ وفي سِرِّ

لتردَّ عَنّي كُلَّ فادِحَةٍ

وَتفكَّ من قَيدِ الأَسى أَسري

فَلَقَد تَرى ما طالَ بي أَمَداً

من فادح اللأواءِ والعُسرِ

فاِسمح بنُجحِ مآربي عَجِلاً

واِمنُن بِما يَعلو به قَدري

وَسعادةُ الدارين أَنت لَها

فَلَقَد جعلتُك فيهما ذُخري

وإِليكَها غَرّاءَ غانيَةً

رامت بمدحك أَكرمَ المَهرِ

نظمت قَريحتيَ الكلام لها

نظمَ الصَناعِ قَلائدَ الدُرِّ

قد أَعجزَت بِبَديع مِدحَتِها

أَهلَ البَديع وَصاغَةَ الشِعرِ

جلَّت بوَصفِكَ عن مُعارضَةٍ

بالعَصر بل في سالف العَصرِ

لَولا مَديحُكَ صانَها شَرَفاً

عُدَّت لرقَّتها من السِحرِ

ثمّ الصَلاةُ مع السَلام عَلى

خيرِ الهداة وَشافِعِ الحَشرِ

وَعَليكَ يا من حازَ كلَّ عُلاً

وَعلى بنيك الأَنجُم الزُهرِ

ما لاحَ وسطَ أَريكةٍ قَمَرٌ

أَو ناحَ فوقَ أَراكة قُمري

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معصوم، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات