سرى طيفها حيث العواذل هجع

ديوان ابن نباتة المصري

سرى طيفها حيثُ العواذل هُجَّع

فنمّ علينا نشرهُ المتضوع

وباتَ يعاطيني الأحاديث في دجىً

كأنَّ الثريَّا فيه كأسٌ مرَصَّع

أجيراننا حيى الربيع دياركُم

وإن لم يكن فيها لطرفيَ مربع

شكوت إلى سفحِ النقا طول نأيكُم

وسفحُ النقا بالنأي مثلي مروَّع

ولا بدَّ من شكوى إلى ذي مروءةٍ

يواسيك أو يسليك أو يتوجَّع

فديت حبيباً قد خلا عنهُ ناظرِي

ولم يخلُ منه في فؤاديَ موضع

مقيم بأكنافِ الغضا وهيَ مهجةٌ

وإلا بوادِي المنحنى وهي أضلع

أطالَ حجازَ الصدِّ بيني وبينه

فمقلته الحورا ودمعي ينبع

لئن عرضت من دون رؤيتهِ الفلا

فيا رُبَّ روضٍ ضمَّنا فيه مجمع

محلّ ترى فيه جوامعَ لذَّةٍ

بها تخطب الأطيار والقضب تركع

قرأنا بهِ نحو الهنا فملابس

تجرّ وأيدٍ بالمدامة ترفع

وقد أمنتنا دولةٌ شادَوِية

فما نختشِي اللأوا ولا نتخشَّع

مدائحها تمحو الآثام ورفدها

يعوّض من وفر الغنى ما نضيع

رعى الله أيامَ المؤيد إننا

وجدنا بها أهل المقاصد قد رُعوا

مليكٌ له في الجودِ صنعٌ تأنَّقت

معانيه حتى خلتهُ يتصنَّع

وعلياء لو أنَّا وضعنا حديثها

وجدنا سناها فوق ما كانَ يوضع

مُذال الغنى لو حاولت يدُ سارق

خزائنه ما كانَ في الشرعِ يقطع

أرانا طباقَ المال والمجد في الورى

فذلك مبذولٌ وهذا ممنَّع

وجانس ما بين القراءة والقرى

فللجود منه والإجادة مطلع

توقَّد ذهناً واسْتفاضَ مكارماً

فأعلم أن الشهبَ بالغيث تهمع

وصان فجاجَ الملك عدلاً وهيبةً

فلا جانبٌ إلاَّ من الروضِ مرتع

عزائم وضَّاح المحامد أروعٌ

إذا قيل وضَّاح المحامد أروَع

تفرق أحمال النّضار يمينه

لمَّا راح بالسمر الطوال يجمَّع

ولا عيبَ في أخلاقه غير أنه

إذا عذلوه في الندى ليس يرجع

له كلّ يوم في السيادة والعلى

أحاديثَ تملي المادحين فتبدع

إذا دَعتِ الحربُ العوانُ حسامه

جلا أفقها والرُّمح للسن يقرع

وإن مشت الآمال نحو جنابه

رأت جود كفَّيه لها كيفَ يهرع

فلا تفتخر من نيل مصر أصابع

فما النيل إلا من يمينك أصبع

أيا ملكاً لما دعته ضراعتي

تيقنت أن الدهر لي سوف يضرع

قصدتك ظمآناً فجدت بزاخرٍ

أشقّ كما قد قيل فيه وأذرع

وفي بعض ما أسديت قُنعٌ وإنما

فتىً كنت مرمى ظنّه ليس يقنع

لك الله ما أزكى وأشرف همةً

وأحسن في العلياء ما تتنوع

مديحك فرضٌ لازمٌ لي دينه

ومدح بني العليا سواكَ تطوّع

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات