سبق القضاء بكل ما هو كائن

ديوان أبو العتاهية

سَبَقَ القَضاءُ بِكُلِّ ما هُوَ كائِنُ

وَاللَهُ يا هَذا لِرِزقِكَ ضامِنُ

تُعنى بِمَ تُكفى وَتَترُكُ ما بِهِ

توصى كَأَنَّكَ لِلحَوادِثِ آمِنُ

أَو ما تَرى الدُنيا وَمَصدَرُ أَهلِها

ضَنكٌ وَمَورِدُها كَريهٌ آجِنُ

وَاللَهِ ما اِنتَفَعَ العَزيزُ بِعِزِّهِ

فيها وَلا سَلِمَ الصَحيحُ الآمِنُ

وَالمَرءُ يُطِنُها وَيَعلَمُ أَنَّهُ

عَنها إِلى وَطَنٍ سِواها ظاعِنُ

يا ساكِنَ الدُنيا أَتَعمُرُ مَسكِناً

لَم يَبقَ فيهِ مَعَ المَنِيَّةِ ساكِنُ

المَوتُ شَيءٌ أَنتَ تَعلَمُ أَنَّهُ

حَقٌّ وَأَنتَ بِذِكرِهِ مُتَهاوِنُ

إِنَّ المَنِيَّةَ لا تُؤامِرُ مَن أَتَت

في نَفسِهِ يَوماً وَلا تَستَأذِنُ

اِعلَم بِأَنَّكَ لا أَبا لَكَ في الَّذي

أَصبَحتَ تَجمَعُهُ لِغَيرِكَ خازِنُ

فَلَقَد رَأَيتَ مَعاشِراً وَعَهِدتَهُم

فَمَضَوا وَأَنتَ مُعايِنٌ ما عايَنوا

وَرَأَيتُ سُكّانَ القُصورِ وَما لَهُم

بَعدَ القُصورِ سِوى القُبورِ مَساكِنُ

جَمَعوا فَما اِنتَفَعوا بِذاكَ وَأَصبَحوا

وَهُم بِما اِكتَسَبوا هُناكَ رَهائِنُ

لَو قَد دُفِنتَ غَداً وَأَقبَلَ نافِضاً

كَفَّيهِ عَنكَ مِنَ التُرابِ الدافِنُ

لَتَشاغَلَ الوارِثُ بَعدَكَ بِالَّذي

وَرِثوا وَأَسلَمَكَ الوَلِيُّ الباطِنُ

قارِن قَرينَكَ وَاِستَعِدَّ لِبَينِهِ

إِنَّ القَرينَ مِنَ القَرينِ مُبايِنُ

وَاِلبَس أَخاكَ فَإِنَّ كُلَّ أَخٍ تَرى

فَلَهُ مَساوٍ مَرَّةً وَمَحاسِنُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات