رمى حشاي ويا شوقي إلى الرامي

ديوان ابن نباتة المصري

رمى حشايَ ويا شوقي إلى الرامي

لحظٌ برامة من ألحاظ آرام

رهنت في الحبّ نومي عند ناظره

لما اقترضت لجسمي منه أسقامي

أفدي الذي كنت عنه كاتماً شجني

حتَّى وشى نبت خدّيه بنمام

ممنّع الوصل كم حالمت من شغفٍ

عدايَ فيه وكم عاديت أحلامي

ظلمت خدّيه بالألحاظ أجرحها

وحسن خدّيه ظلاّم لظلاّم

وما لبست به من أدمعي خلعاً

إلا ووشيُ دمي فيها كأعلام

يا ليت شعري وقلبي فيه ممتحنٌ

ما ذا على عذّلي فيه ولوّامي

لا تخش من عاذلٍ قد جا يحاورني

يا سالبي في الهوى حلمي وأحلامي

وحقّ عينيك ما لي في محبتها

سمعٌ لعين ولا ذالٍ ولا لام

ولا لفكريَ من شمسٍ ومن قمر

سوى جبيني في صبحي وإظلامي

سقياً لمعهد أنسٍ كانَ يسند لي

بوجهه الطلق عن بشر ابن بسّام

حيث النسيم يجر الذّيل من طربٍ

والزهر يرقص من عجبٍ بأكمام

والنهر طرسٌ تخطّ الريح أسطره

والقطر يتبع ما خطّت بإعجام

والكأس في يد ساقيها مصوَّرة

تضيء من حول كسرى ضوء بهرام

قد أسرجت وعدت للهمّ ملجمة

فهي الكميت بإسراجٍ وإلجام

أنشى بها العيش ينمو من محاسنه

ما ليس يحصره الناشي ولا النامي

وأجتلي كأسها والشمس ما جُليت

ولا ترشف منها الشرق في جام

شهور وصلٍ كساعاتٍ قد انقرضت

بمن أحبّ وأعوامٌ كأيام

ولّت كأنيَ منها كنت في سنةٍ

ثمّ انبرت ليَ أيامٌ كأعوام

مقلقلاً بيد الأيام مضطرباً

كأنما استقسمت مني بأزلام

قد حرَّمت حالتي طيب الحياة بها

كأن طيبَ حياتي طيبُ إحرام

هي المقادير لا تنفكّ مقدمة

وللحجى خطراتٌ ذات إحجام

أما ولي حالةٌ عن مرةٍ نقلت

لأنقلنّ بها عن عزم همّام

ورُبّ شائمة عزمي ومرتحلي

إلى حمى مصر أشكو جفوة الشام

قالت وراءَك أطفالٌ فقلت لها

نعم ونعمى ابن فضل الله قدَّامي

لولا عليّ ابن فضل الله ما استبقت

سفائن العيس في لجِّ الفلا الطامي

لعاقد خنصر المدَّاح يوم ثنا

وموضح الجود فيهم بعد إبهام

ربّ السيادة في إرثٍ ومكتسبٍ

فيا لها ذات أنواعٍ وأقسام

سدْ يا عليّ بن يحيى كيف شئت فما

في فرعك المجتنى والأصل من ذام

وارفع إلى عمرٍ إسناد بيتك في

فضلٍ وفصلٍ وتقديمٍ وإقدام

بيت تسامى إلى الفاروق منصبه

فكاتبته العلى بالمنصب السامي

منظم طاب حتَّى تمّ مفخره

فكم إلى طيّب يعزى وتمّام

إسمٌ حروف المعالي فيه واضحة

وكلّ عالٍ سواكم حرف إدغام

لو طاولتكم نجوم الأفق ما بلغت

قوادم النسر منكم ترب أقدام

بأول الحال منكم أو بآخره

يراكم الله تأييداً لإسلام

إما بأرماح أقلامٍ لكم عرفت

لياقة الحدّ أو إرماح أقلام

تحمون سرى الهدى بدأً ومختتماً

وتنهضون بإنعام وإرغام

منكم عليٌّ نماه للعلى عمرٌ

فحبذا ثمرات المغرس النامي

ندبٌ سما وحمت ملكاً براعته

فداً له الناس من سامٍ ومن حام

محسّن الخلق والأخلاق تألفه

عقائل الفضل عن وجدٍ وتهيام

من أجل ما عقد المدّاح خنصرهم

عليه ميز من جلي نجا تام

لا عيب فيه سوى علياء حالته

عن صف ما شئت من عيٍّ وإفحام

تدري سرائر نجوانا عوارفه

إما بصائب فكرٍ أو بإلهام

لو أن للبحر جزأً من مكارمه

ألقى على الطرق درًّا موجه الطّامي

جارى حياه بحار الأرض يوم ندى

ويوم علم فروّى غلة الظامي

فالبحر يزبد من غيظٍ يخامره

والبرق يضحك من عجز الحيا الهامي

والعدل يغمض جفن السيف في دعةٍ

من بعد ما كانَ جفناً دمعه دامي

أما الملوك فقد أغنى ممالكها

تصميم منطقه عن حد صمصام

ذو اللفظ علّمت المصغي فصاحته

قولَ المدائح فيه ذات إحكام

فلو مزجتَ أباريق المدام به

ما رجّعت صوت فأفاءٍ وتمتام

يا فاضلاً لو رنت عين العماد له

لبات يخفق رعباً برقه الشامي

غطّى ثناك على عبد الرحيم فما

ترنو لأنجمهِ أبصار أفهام

وقد طوى نظمك الطائيّ منهزماً

لما برزت بأطراسٍ كأعلام

ليخبر الملك في يمناك عن قلمٍ

صان الأقاليم عن تخبير مستام

أشدّ من ألف في الكفّ يكرع من

نون وأمنع يوم الرّوع من لام

تغاير الوصف في يوم العطاء به

والناس ما بين مطعانٍ ومطعام

وراثة لك يا ابن السابقين علاً

في بثِّ مكرمةٍ أو حسم آلام

كأنَّ أهل العلى جسمٌ ذووك له

هامٌ وأنت يمين العين في الهام

إن كنت في الوقت قد أوفيت آخرهم

فإنك العيد وافى آخر العام

شكراً لأوقات عدلٍ قد أنمت بها

عين الرّعايا فهم في طيب أحلام

وأنجمٍ خدمت علياك فهي إذاً

نعم الجواري التي تدعى بخدَّام

أبحت يا صاحب السرّ النوال وقد

منعت ما خيف من ظلمٍ وإظلام

وأنجدتنا على الأمداح منك لُهًى

إلى الورَى ذات إنجادٍ وإتهام

خذها منظمة الأسلاك معجزة

بالجوهر الفرد فيها كلّ نظّام

مصرية بين بيوت الفضل ما عرفت

فيها نسبة جزّار وحمَّام

أنت الذي أنقذتني من يدي عدمي

آلاؤه ومحت بالبرِّ إعدامي

فعش مع الدهر لا إبرام في سبب

لما نقضت ولا نقضٌ لإبرام

ودم لحمدٍ وآلاءٍ ملأت بها

جهاتيَ الستّ من جاهٍ وإنعام

فواضل عن يميني والشمال ومن

فوقي وتحتي ومن خلفي وقدّامي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات