رأيت سماء الله والأرض ألقتا

ديوان الفرزدق

رَأَيتُ سَماءَ اللَهِ وَالأَرضِ أَلقَتا

بِأَيديهِما لِاِبنِ المُلوكِ القَماقِمِ

وَكُنتَ لَنا غَيثَ السَماءِ الَّذي بِهِ

حَيِينا وَأَحيا الناسَ بَعدَ البَهائِمِ

وَما لَكَ أَلّا تَملَءُ الأَرضَ رَحمَةً

وَأَنتَ اِبنُ مَروانَ الهُمامِ وَهاشِمِ

فَما قُمتَ حَتّى هَمَّ مَن كانَ مُسلِماً

لِيَلبِسَ مُسوَدّاً ثِيابَ الأَعاجِمِ

لَقَد ضاقَ ذَرعي بِالحَياةِ وَقَطَّعَت

حَوامِلُهُ عَضَّ الحَديدِ الأَوازِمِ

رَأَيتُ بَني مَروانَ إِذ شَمَّرَت بِهِم

مِنَ الحَربِ حَدباءُ القَرا غَيرُ رائِمِ

لَهُم حَجَرٌ لِلدينِ يَرمونَ مَن رَمَوا

بِهِ دَمَغَت أَيديهِمُ كُلَّ ظالِمِ

هِشامٌ أَمينُ اللَهِ في الأَرضِ وَالَّذي

بِهِ تَمنَعُ الأَيّامُ ذاتَ المَحارِمِ

بِهِ عَمَدُ الدينِ اِستَقَلَّت وَأَثبَتَت

عَلى كُلِّ ذي طَودَينِ لِلدينِ قائِمِ

وَسُلَّت سُيوفُ الحَربِ وَاِنشَقَّتِ العَصا

وَهَزَّ القَنا وُردُ الأُسودِ القَشاعِمِ

وَقَد جَعَلَت لِلدينِ في المَرجِ بِالقَنا

لِمَروانَ أَيّامٌ عِظامُ المَلاحِمِ

وَما الناسُ لَولا آلُ مَروانَ مِنهُمُ

إِمامُ الهُدى وَالضارِباتُ الجَماجِمِ

وَما بَينَ أَيدي آلِ مَروانَ بِالقَنا

وَبَينَ المَوالي ناكِثاً مِن تَزاحُمِ

رَأَيتُ بَني مَروانَ سُلَّت سُيوفُهُم

عَشاً كانَ في الأَبصارِ تَحتَ العَمائِمِ

رَأَيتُ بَني مَروانَ عَنهُ تَوارَثوا

رَواسِيَ مُلكٍ راسِياتِ الدَعائِمِ

عَصا الدينِ وَالعودَينِ وَالخاتَمَ الَّذي

بِهِ اللَهُ يُعطي مُلكَهُ كُلَّ قائِمِ

وَكُنتَ لِأَمرِ المُسلِمينَ وَدينِهُم

لَدُن حَيثُ تَمشي عَن حُجورِ الفَواطِمِ

يَقولُ ذَوُو العِلمِ الَّذينَ تَكَلَّموا

بِهِ عَن رَسولِ اللَهِ مِن كُلِّ عالَمِ

وَلَو أُرسِلَ الروحُ الأَمينُ إِلى اِمرِئٍ

سِوى الأَنبِياءِ المُصطَفَينَ الأَكارِمِ

إِذاً لَأَتَت كَفَّي هِشامٍ رِسالَةٌ

مِنَ اللَهِ فيها مُنزَلاتُ العَواصِمِ

وَلَو كانَ حَيٌّ خالِداً أَو مُمَلَّكٌ

لَكانَ هِشامَ اِبنَ المُلوكِ الخَضارِمِ

إِلَيكَ تَعَرَّقنا الذُرى بِرِحالِنا

وَأَفنَت مَناقيها بُطونُ المَناسِمِ

فَأَصبَحنَ كَالهِندِيِّ شَقَّ جُفونَهُ

دَوالِقَ أَعناقِ السُيوفِ الصَوارِمِ

وَما تَرَكَ الصُوّانُ وَالحَبسُ وَالسُرى

لَها مِن نِعالِ الجِلدِ غَيرَ الشَراذِمِ

لَهُنَّ تَثَنٍّ في الأَزِمَّةِ وَالبُرى

إِذا وَلَجَ اليَعفورُ حامي السَمائِمِ

تَرى العيسَ يَكرَهنَ الحَصى أَن يَطَأنَهُ

إِذا الجَمرُ مِن حامٍ مِنَ الشَمسِ جاهِمِ

يُرِدنَ الَّذي لا تُبتَغى مِن وَرائِهِ

وَلا دونَهُ الحاجاتُ ذاتُ الصَرائِمِ

وَلَيسَ إِلَيهِ المُنتَهى في نَجاحِها

وَفي طَرَفَيها لِلقِلاصِ الرَواسِمِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الفرزدق، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات