رأيتكم تجنون ما قد غرستم

ديوان الشريف المرتضى

رأيتُكُمُ تجنون ما قد غرستُمُ

فلا تُنكروه أنْ يكون ذُعافا

وَعافوا القذى أو فاِكرعوه ضرورةً

وَمَن لم يُرِد إلّا الأُجاجةَ عافا

وَلا تَحسبوا ما نَحن نَرْأَبُ كسرَهُ

وفاقاً فعن قربٍ يعود خلافا

ولا تأمنوا الأضغان وهي دفينةٌ

فذو الحزمِ مَن هاب الغيوب وخافا

فَما نحنُ للأقدار إلّا رَمِيَّةٌ

يُصِبن صميماً أو يُصبن شَغافا

وسيّانِ في تضييعِيَ الحزمَ أنّني

رهبتُ أماناً أو أمنتُ مخافا

فَما لِيَ أُسقى فيّ أوفى أصادِقِي

كؤوساً دِهاقاً لم يكنّ سُلافا

إذا صاحبي أضحى سقيماً من الأذى

فما سرّني أنّي أبِيتُ معافَى

ولم أنجُ من سوءٍ أصابَ معاشري

وعاج بخلٍّ أرتضيه وطافا

دعونِيَ منكمْ لا تردّون طالباً

وَلم تلبسوا إِلّا الغرورَ عِطافا

وكم ذا أُرِيدَتْ بالهَوانِ بيوتُكمْ

فلَمْ تجعلوا من دونهنَّ سِجافا

ولو كنتُمُ لمّا غمزتُم قناتَكُم

على أَوَدٍ أوسعتموه ثِقافا

وداويتُمُ الأدواءَ وهي ضعيفةٌ

فكم من قويّاتٍ نَشَأْنَ ضِعافا

لقيتُمْ كَمَا شئتُم وشئناه فيكُمُ

ولكنّ أمراً جلَّ أن يُتَلافى

كأنّكُمُ رَكْبٌ على دوِّ قَفْرَةٍ

يُزَجِّي مطاياً للنّجاءِ عِجافا

بِمَهلكَةٍ خرِّيتُها هالكٌ بها

وكم مرّةٍ شمَّ التّراب وسافا

إذا هَيْقُها مدّ الجناحَ فإنّما

إماءُ بَنِي لَخْمٍ مَدَدْنَ طِرافا

سقى اللَّه أَقواماً مَضَوا لسبيلهمْ

وقد ملأوا سُبْلَ الطّماعِ عَفافا

لهم في ندىً سِيلوه أو بدأوا به

أكُفٌّ يناوِلْن النّوالَ جُزافا

أجابوا أُنوفَ الموتِ رغمَ أُنوفنا

فماذا جنى ذاك الهتافُ هِتافا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات