ذريني فضرباً بالمهندة البتر

ذريني فضرباً بالمهندة البتر - عالم الأدب

ذَريني فَضَرباً بِالمَهَنَّدَةِ البُترِ

وَلا لَومَ مِثلي يا أُمَيمُ عَلى وَترِ

فَقَد كُنتُ آبى الضَيمَ إِذ لَيسَ ناصرٌ

سِوى عَزمَتي وَالعيسِ وَالمَهمَهِ القَفرِ

فَكَيفَ أُقِرُّ اليَومَ ضَيماً وَناصِري

عَديدُ الحَصى ما بَينَ بُصرى إِلى مِصرِ

إِذا ما دَعَوتُ اِبنَي نِزارٍ أَجابَني

كَتائِبُ أَنكى في العِدى من يَدِ الدَهرِ

تَداعى إِلى صَوتِ المُنادي تَداعياً

كَدَفّاعِ مَوجٍ جاءَ في المَدِّ لِلجَزرِ

عَلى كُلِّ ذَيّالٍ وَجَرداءَ شطبَةٍ

تَجيء كَسَيلٍ يَلطِمُ الطَلحَ بِالسِدرِ

نِتاجُ عُمَيرٍ وَالضُّبَيبِ وَكامِلٍ

وَذاتِ نُسوعٍ وَالنَعامَةِ وَالخَطرِ

سَوابِحُ لا تَغدو الرِياحُ غُدُوَّها

لِطَعنٍ وَلا تَسري النُجومُ كَما تَسري

وَرِثنَ عَنِ الشَيخَينِ بَكرٍ وَتَغلِبٍ

وَعَن عَبدِ قَيسٍ ذي العُلى وَعَن النمرِ

وَقَيسٍ أَبي الشُمِّ الطِوالِ وَبَعدَهُ

تَميمٍ وَأَكرِم والِداً بِأَبي عَمرِو

وَعَن سَيِّدَي آباءِ كُلِّ قَبيلَةٍ

وَأَشرَفِها نَسلاً خُزَيمَةَ وَالنَضرِ

وَما الخَيلُ إِلّا نِحلَةٌ مِن إِلَهنا

لَنا لا لِزَيدٍ مِن سِوانا وَلا عَمرِو

لَنا أُخرِجَت إِذ أُخرِجَت لا لِغافِقٍ

وَلا بارِقٍ أَو لا مُرادٍ وَلا قَسرِ

وَطِئنا بِها جَمعَ العَماليقِ وَطأَةً

أَرَتها نُجومَ القَذفِ تَجري مَعَ الظُهرِ

وَلَولا تَلاقينا بِها حَيّ جُرهُمٍ

لآبَت بِأَيدٍ لا تَشُقُّ وَلا تَفري

بِنَفسي وَما لي مِن نِزارٍ عِصابَةً

حِسانُ وُجوهٍ طَيِّبُو عُقَدِ الأُزرِ

جَلَوا بِصِفاحِ البيضِ هَمّي وَبَرَّدُوا

حَرارَةَ غَيظي بِالمُثقَّفَةِ السُمرِ

لَياليَ قادُوا الخَيلَ قَوداً أَصارَها

وَما الخَواطي كَاليَعاسيبِ في الضُمرِ

بِرَأيٍ سَديدِ الرَأيِ أَلوى مُعَوَّد

بِجَرِّ الخَميسِ الضَخمِ وَالعَسكَرِ المَجرِ

هُمامٌ تَعَدّى الأَربَعينَ فَجازَها

بِعَشرِ سِنينٍ أَو قَريبٍ مِن العَشرِ

فَأَصبَحَ لا شَيخاً يُخافُ اِنبِهارُهُ

وَلا حَدَثاً تِلعابَةً غائِبَ الفِكرِ

أَخو عَزمَةٍ كَالنارِ وَقداً وَهِمَّةٍ

تَرى النَجمَ أَدنى مِن ذِراعٍ وَمِن شِبرِ

بَدَت في مُحيّاهُ أَماراتُ مَجدِهِ

صَبيّاً وَيَبدو العِتقُ في صَفحَةِ المُهرِ

سَما لِلعُلى طِفلاً وَبَرَّزَ يافِعاً

وَسُمّي وَلَمّا يَثَّغِر أَوحَدَ العَصرِ

وَلَفَّ السَرايا بِالسَرايا وَقادَها

لِعَشرٍ وَرَدَّ الدُهمَ مِنهُنَّ كالشُقرِ

فَلِلّهِ بَكرٌ ما شَظى حَدُّ نابِهِ

وَفاقَ قُروماً بِالشَقاشِقِ وَالخَطرِ

جَرى وَجَرى الساعونَ شَأواً إِلى العُلى

فَفاتَ بِأَدنى خَطوهِ مُلهَب الحُضرِ

سَليلُ المُلوكِ الصِّيدِ وَالسادَةِ الأُلى

بَنَوا مَجدَهُم فَوقَ السِماكينِ وَالنَسرِ

إِلى ذروَةِ البَيتِ العُيونِيِّ يَنتَمي

وَهَل يَنتَمي الدِينارُ إِلّا إِلى التِبرِ

وَأَخوالُهُ أَدنى عُقَيلٍ إِلى العُلى

بُيُوتاً وَأَقصاها مِنَ اللُؤمِ وَالغَدرِ

ذَوُو المُحكَماتِ السُردِ وَالبيضِ وَالقَنا

وَأَهلُ الجِيادِ الشُقرِ وَالنِّعَمِ الحُمرِ

وَإِنَّ عَلِيّاً للَّذي بِفَخارِهِ

يُطالُ وَيُستَعلى عَلى كُلِّ ذِي فَخرِ

أَعَزُّ الوَرى جاراً وَأَوسَعُها حِمىً

وَأَشبَهُها بِاللَيثِ وَالبَحرِ وَالبَدرِ

مَتى تَدعُهُ تَدعُ اِمرَءاً غَيرَ زُمَّلٍ

وَلا وَكِلٍ في النائِباتِ وَلا غَمرِ

وَلا رافِعٍ بِالخَطبِ رَأساً وَإِنَّهُ

لَتُرفَعُ مِن جَرّائِهِ طُرَرُ الأُزرِ

لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدورِ فَلو رَنا

إِلى المَوتِ مُزوَرّاً لَماتَ مِنَ الذُعرِ

وَلو قالَ لِلأَفلاكِ في سَيرِها قِفي

لَباتَت رُكوداً لا تَدورُ وَلا تَجري

فَتىً لَو لِلَيثِ الغابِ بَأسٌ كَبَأسِهِ

لَأَغناهُ عَن نابٍ حَديدٍ وَعَن ظُفرِ

وَلَو أَنَّ لِلعَضبِ اليَمانيِّ جَوهَراً

كَعَزمَتِهِ لَم يَنبُ عَن قُلَلِ الصَخرِ

وَلَو أَنَّ لِلأَنواءِ جُوداً كَجُودِهِ

لَما اِنتقَلَ الإِرباعُ يَوماً إِلى العِشرِ

عَلا في النَّدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى

أُوَيساً وَفي الحِلمِ اِبنَ قَيسٍ أَبا بَحرِ

وَأَبغَضُ شَيءٍ عِندَهُ لا وَإِنَّهُ

لِيَهوى نَعم لَو أَنَّ فيها ثَوى العُمرِ

يَريشُ وَيَبري عِزَّةً وَسَماحَةً

وَلا خَير فيمَن لا يَريشُ وَلا يَبري

أَبى غَيرَ عِزَّ النَفسِ وَالعَدلِ وَالتُقى

وَرَأبِ الثَأى وَالحِلمِ وَالنائِلِ الغَمرِ

وَلَمّا تَولّى المُلكَ باءَ مُشَمِّراً

بِأَعبائِهِ مِن غَيرِ لَهثٍ وَلا بُهرِ

وَعَفَّ فَلم يَمدُد إِلى مُسلِمٍ يَداً

بِسُوءٍ وَلا باتَت لَهُ عَقرَبٌ تَسري

وَلا باتَ جُنحَ اللَيلِ يَشكُوهُ شابِحٌ

إِلى اللَّهِ مَقتورٌ عَليهِ وَلا مُثرِ

فَيا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ مَجدَهُ

رُوَيدَكَ فَاِنظُر مَن عَلى إِثرِهِ تَجري

فَلَيسَ بِعارٍ أَن شَآكَ مُطَهَّمٌ

أَغَرُّ جَموحٌ لا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ

فَما ضاقَ عَنهُ الوُسعُ غَيرُ مُطالِبٍ

بِهِ المَرءُ في أَكنافِ بَرٍّ وَلا بَحرِ

فَدَع عَنكَ ما أَعيَا المُلوكَ طِلابُهُ

وَقِف عَنهُ وَاِطلُب ما تُطيقُ مِن الأَمرِ

وَخَلِّ أَثيراتِ المَعالي لِسَيِّدٍ

هُمامٍ كَنَصلِ الهُندُوانِيِّ ذي الأَثرِ

فَلا مَلِكٌ إِلّا عَلِيُّ بنُ ماجِدٍ

جَميلُ المُحَيّا وَالإِنابَةِ وَالذِكرِ

إِلَيكَ أَبا المَنصورِ عَقدُ جَواهِرٍ

قَلَمَّسُها صَدري وَغَوّاصُها فِكري

نَفِستُ بِها عَمَّن سِواكَ وَسُقتُها

إِلَيكَ لِعِلمي أَنَّها أَنفَسُ الذُخرِ

وَعَدَّيتُها عَن رِقِّ لُؤمٍ مُوَكَّرٍ

قَليلِ اِكتِراثٍ بِالمَحامِدِ وَالأَجرِ

يَروحُ وَيَغدُو مِثلَ غَيمٍ تَرى لَهُ

صَواعِقَ يَحرقنَ البِلادَ بِلا قَطرِ

تَصَدَّرَ مِن شُؤمِ الزَمانِ وَإِنَّهُ

لَأَخفى مِن البُعصوصِ في نَقرَةِ الظَهرِ

فَصارَ مَعَ الجُهّالِ صَدراً وَإِنَّهُ

لَمِن خُبُثِ الأَعجازِ عِندَ ذَوي الخُبرِ

مَضى زَمَنٌ وَالهُرطُمانُ طَعامُهُ

وَبيّوتُ ما يَبتاعُ بِالطِّينِ وِالسِّدرِ

تُشَرَّفُ نَعلي عَن قيامٍ بِبابِهِ

وَتُكرَمُ عَن مَشيٍ بِساحاتِهِ الغُبرِ

وَلَولاكَ بِالأَحساءِ لَم تُحدَ نَحوها

قَلوصِي وَلَم يَصهل بِجَرعائِها مُهري

فَما أَنا مِمَّن يَجهَلُ الناسُ فَضلَهُ

فَيَرضى بِحَظٍّ واشِلٍ بِالعُلى مُزرِ

وَإِنّي لَصَوّانٌ لِمَدحي وَإِن نَبا

بِيَ الدَهرُ وَاِجتاحَت نَوائِبُهُ وَفرِي

وَلَكِنَّكَ المَلكُ الَّذي مِن سَمائِهِ

نُجومي الَّتي تُصمي وَمِن شَمسِهِ بَدري

وَمِن لَحمِهِ لَحمي وَمِن دَمِهِ دَمي

وَمِن عَظمِهِ عَظمي وَمِن شَعرِهِ شَعري

وَآباؤُكَ الغُرُّ الكِرامُ أُبُوَّتي

وَبَحرُكَ مِن تَيّارِ آذِيِّهِ بَحري

فَداكَ مِنَ الأَسواءِ كُلُّ مُعَلهَجٍ

مِنَ القَومِ لَم يَعبَأ بِعُرفٍ وَلا نُكرِ

وَجُزتَ المَدى في خَفضِ عَيشٍ وَدَولَةٍ

مُؤَيَّدَةٍ بِالأَمنِ وَالأَمرِ وَالنَصرِ

تَحوطُ نِزاراً حَيثُ كانَت وَلا خَلا

جَنابُكَ مِن شُكرٍ وَبابُكَ مِن ذِكرِ

وَعاشَ اِمرُؤٌ ناواكَ ما عاشَ خائِفاً

يَروحُ وَيَغدو بِالمَذَلَّةِ وَالصُغرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات