ذرفت عيني دموعا

ديوان النابغة الشيباني

ذَرَفَت عَيني دُموعاً

مِن رُسومٍ بِحَفيرِ

موحِشاتٍ طامِساتٍ

مِثلِ آياتِ الزَبورِ

غَيَّرَتها في سُفورٍ

مَرُّ أَيّامِ الدُهورِ

جادَها كُلَّ مُلِثٍّ

ذي أَهاضيبَ مَطيرِ

وَإِذا النَكباءُ هاجَت

لَعِبَت فيها بِمورِ

وَجَنوبٌ وَشَمالٌ

وَصَباً بَعدَ الدَبورِ

قَد أَذاعَت بِرُسومٍ

لا تَبِينُ لِبَصيرِ

غَيرَ بالٍ ناحِلٍ في الدْ

دَارِ كَالجِذلِ القَصيرِ

وَأَوارِيٍّ وَنُؤيٍ

وَمَطايا لِلقُدورِ

نِصفُها سودٌ وَنِصفٌ

ضَبَّحَتهُ بِسَعيرِ

فَهيَ كَالأَظآرِ حَنَّت

حَولَ بَوٍّ وَكَسيرِ

بُدِّلَ الرُبعُ وُحوشاً

مِن كَبيرٍ وَصَغيرِ

مِن نِعاجٍ وَظِباءٍ

وَنِعامٍ وَحَميرِ

آبِداتٍ رائِداتٍ

راتِعاتٍ في غَميرِ

ذاكَ مِن بَعدِ حِلالٍ

وَأَنيسٍ وَعُمورِ

وَهِجانٍ وَقِيانٍ

وَقِبابٍ كَالقُصورِ

وَخُيولٍ أَرِناتٍ

مِن إِناثٍ وَذُكورِ

ذي تَليلٍ وَفُصوصٍ

سَلِطاتٍ كَالفُهورِ

وَسَماحيجَ سِراعٍ

مِثلِ عِقبانٍ كُسورِ

قَد دَعاها جُنحُ لَيلٍ

حينَ قَضَّت لوكورِ

وَقَنا الخَطِّيِّ لَدنٌ

مَعَهُم حَدُّ كَثيرِ

وَدُروعٍ وَسُيوفٍ

كُلُّ عَضبٍ كَالغَديرِ

وَحسّانٍ آنِساتٍ

وَعَذارى في خُدورِ

قاصِراتٌ ناعِماتٌ

في نَعيمٍ وَسُرورِ

جاعِلاتٌ كُلَّ بابٍ

ذي سُتورٍ مِن حَريرِ

مُؤثِقاتٍ كُلَّ رَأيٍ

بِعُيونِ الغُرِّ حورِ

وَفُروعٍ كَالمَثاني

زانَها حُسنُ جَميرِ

وَأَنوفٍ وَخُدودٍ

وَلِثاتٍ وَثُغورِ

رائِعاتٍ واضِحاتٍ

كَالأَقاحِيِّ المُنيرِ

وَبِأَعناقٍ حِسانٍ

وَثُدِيٍّ وَنُحورِ

وَخَلاخيلَ مِلاءٍ

وَدَماليجَ وَسُورِ

وَبِوُشحٍ قَلِقاتٍ

في بُطرُنٍ وَظُهورِ

وَبِأَعجازٍ كَرَملٍ

مُثقَلاتٍ وَخُصورِ

لَيسَ مِن يَذكُرُ هذا

يا لقَومٍ بِصَبورِ

وَكَهولٍ قَد أَراهُم

كَخَضاريمِ البُحورِ

وَرِجالٍ لَم يَشيبوا

وَشَبابٍ كَالسُقورِ

فَإِذا نادى المُنادي

أَينَ أَيسارُ الجُزورِ

طارَ مِنهُم كُلُّ خِرقٍ

بِخَميسٍ أَو عَشيرِ

ثُمَّ لا تَسأَل بِعيرٍ

أَبَداً مِن بَعدِ عِيرِ

كُلُّ وَجناءَ وَشَهمٍ

عَوهَجٍ ضَخمِ الكُسورِ

فَإِذا تَحدو اِجرَهَدَّت

وَتَعالَت بِصُدورِ

مُمعِناتٍ دالِحاتٍ

دالِفاتٍ بِخُمورِ

في زِقاقٍ كُلُّ جَحلَي

نِ أَضَرّا بِبَعيرِ

مُجلَخِدّاتٍ مِلاءٍ

بَطَّنوهُنَّ بِقيرِ

فَإِذا صِرتَ إِلَيهِم

صِرتَ في خَيرِ مَصيرِ

عِندَ شُبّانٍ وَشِيبٍ

أَعمَلوا كَأسَ المُديرِ

كَم تَرى فيهم وَفينا

مِن رَئيسٍ كَالأَميرِ

ذي عَطاءٍ وَغَناءٍ

مُحسِنٍ نَسجَ الأُمورِ

قائِدٍ جَيشاً لُهاماً

عِندَ حَلٍّ وَمَسيرِ

لَجِباً يُسمِعُ رِزّاً

عِندَ طَعنٍ وَنَفيرِ

فَإِذا تُندى شَبابٌ

كُلُّ مَيمونٍ مُغيرِ

رَكِبوا كُلَّ عَلَندى

ذي أَفانينَ صَبورِ

فَإِذا لا قَوا أُسوداً

أَوعَدَت أُسداً بِزيرِ

طاعَنوا بَعدَ رِماءٍ

وَضِرابٍ بِالذُكورِ

رُبَّ حَدباءَ فَيافٍ

في رِمالٍ وَوُعورِ

قَد تَجَشَّمتُ تَنوفا

تٍ قِفاراً بِجَسورِ

خِلتَ هِرَّينِ وَقَد صا

رَت مَنيناً كَالحَسيرِ

نَهَسا القُربَينِ مِنها

وَهيَ تَرمَدُّ بِكُورِ

مِثلَ ما يَجري عَلى المِح

وَرِ تَقليبُ الدَريرِ

وَمِنَ الناسِ غَنِيٌّ

ذي سَوامٍ وَقُدورِ

وَوَسيطٌ في زَماعٍ

ذو مَعاشٍ وَفَقيرِ

كُلُّ باغي الخَيرِ يَوماً

راكِبُ الهَولِ الكَبيرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان النابغة الشيباني، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جوارك من جور الزمان يجير

جِوَارُكَ منْ جَوْرِ الزَّمَانِ يُجِيرُ وَبِشْرُكَ لِلرَّاجِي نَداكَ بَشِيرُ فَضَلْتَ بَنِي الدُّنيا فَفَضلُكَ أَوَّلُ وَأَوَّلُ فضلِ الأَوَّلِينَ أخِيرُ وَأنتَ هُمَامٌ دَبَّرَ المُلْكَ رَأْيُهُ خَبِيرٌ بِأحْوَالِ…

تعليقات